وقول المصنف للدليل القاطع على وجوب اتباع الظن يقربه إلى الإجماع الذي جعلناه دليل المقدمة الثانية من القياس الثاني ومنع بعض الناس قطعيا قطعية هذا الدليل ليس يجمل لأنه لا بد لنا من دليل قاطع على اتباع الظن دفعا للتسلسل أو اثبات الظن بنفسه فلا بد من قاطع أما إجماع وحده وإما مع قرائن تحتف به تفيد القطع وهذا المعنى والتقرير يحصل في كل مسألة من مسائل الفقه سواء كان دليلها نصا أم قياسا أم غيرهما مما يفيد الظن وقوله مقطوع أي مقطوع به ولكنه حذف الجار وتوسع بتعدية الفعل إلى الضمير.
"ودليله المتفق عليه بين الأئمة الكتاب والسنة والإجماع والقياس" قوله المتفق عليه إشارة إلى أن ثم أدلة مختلفا فيها وسنذكرها وقوله بين الأئمة أي المعتبرين وإلا فقد أنكر بعض الناس القياس وبعضهم الإجماع ولعله لا يسمى من أنكر ذلك إماما وهو حق لأن الإمام من يقتدى به وهؤلاء لا يقتدى بهم فلذلك طلق الأئمة ووقع في بعض النسخ الأمة والأول أصح لبعد التجوز في الثاني.
"ولا بد للأصولي من تصور الأحكام الشرعية ليتمكن من إثباتها ونفيها" لا بد أمعناه لا فراق ولذلك قال ابن عبد السلام إنه إذا حلف لا بد أن يفعل كذا ولم يفعله على الفور حنث والمختار أنها لا تفيد الفور المعروف والأصولي نسبة إلى الجمع لأنه مسمى به كالأنصاري والأنماري ولو لم يسم به لم تجز النسبة إلا إلى المفرد فيقال أصلي والحكم على الشيء بالإثبات أو النفي مسبوق يتصوره والأصولي يريد أن يثبت الوجوب مثلا للأمر والتحريم المنهى أو ينفيهما وكذلك بقية الأحكام فلذلك لا بد أن يتصورها أولا وقصد وبهذا وجه الحاجة إلى تقدم هذه المقدمة.
"لا جرم رتبناه على مقدمة وسبعة كتب".
الذي يسبق إلى الذهن من لا جرم في هذا الموضع أن معناها لأجل ذلك أي لأجل ما سبق رتبناه على كتب وقد جاءت لا جرم في القرآن في خمسة مواضع متلوة بأن واسمها ولم يجئ بعدها فعل والذي ذكره المفسرون واللغويون في معناها أقوال: