بل أمر بالحذر عن المخالف فيكون فاعل فليحذر ضميرا والذين في محل النصب بأنه مفعوله أجاب عنه بوجهين:
أحدهما: أن الإضمار خلاف الأصل.
والثاني: أن الضمير لا بد له من اسم ظاهر يعود إليه وهو مفقود هنا قال الخصم لما لا يعود على الذين يتسللون والتقدير فليحذر الذين يتسللون منكم لواذا عن الذين يخالفون عن أمره.
أجاب المصنف عنه بوجهين:
أحدهما: أن الذين يتسللون هم المخالفون وذلك أن المخالفين لما ثقل عليهم المقام في المسجد وسماع الخطبة لاذوا بمن يستأذن للخروج حتى إذا أذن له خرجوا معه من غير إذن فنزل قوله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً} وإذا كان كذلك فلو أمر المتسللون بالحذر عن المخالفين لكانوا قد أمروا بالحذر عن أنفسهم وذلك غير ممكن.
الثاني: انا ولو سلمنا ان مرجع الضمير الذين يتسللون كما ادعوه لكان أمرا للمتسللين بالحذر عن المخالفين ويصير تقدير الآية حينئذ فليحذر الذين يتسلون منكم لواذا الذين يخالفون عن أمره فيضيع إذ ذاك قوله: {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} لأن فاعل {فَلْيَحْذَرِ} حينئذ الضمير والذين مفعوله والحذر لا يتعدى إلى مفعولين حتى يكون ان تصيبهم مفعولا له ثانيا له فيصير حينئذ ضائعا لا تعلق له بما قبله ولا بما بعده.
فإن قلت: لم لا يكون لأجله إذا الحذر لأجل إصابة الفتنة أو العذاب الأليم؟
قلت: لو كان كذلك لكان مجامعا للحذر لأن الفعل يجب ان يجامع علته واجتماعهما محال كذا أجاب به الشيرازي شارح الكتاب وقد قال الجاريردي الشارح أيضا يمكن ان يجاب عن قولهم:
أولا: ان الفاعل ضمير يعود على المتسللين بأنه لو كان كذلك لوجب اظهاره فيقال فليحذروا لأنه عائد على جمع.