للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهدة واختاره إمام الحرمين في البرهان ومن قائل إنه وإن بادر إلى فعله في أول الوقت لا يقطع بكونه ممتثلا وخروجه عن العهدة لجواز إرادة التراخي نقله الآمدي وابن الحاجب وغيرهما.

قوله لنا: أي الدليل على أن الأمر لا يقتضي الفور ما تقدم في الكلام على أنه لا يقتضي التكرار وأشار إلى دليلين.

أحدهما: صحة تقييده بالفور والتراخي من غير تكرير ولا نقض كصحة تقييده بالمرة والمرات من غيرهما.

والثاني: وروده مع الفور وعدمه فيجعل حقيقة في القدر المشترك وهر طلب الإتيان به دفعا للاشتراك والمجاز كما ورد بالتكرار والمرة وعدمهما وجعل حقيقة في القدر المشترك وقد تقدم الكلام في هذين الدليلين مبسوطا وتقدم دليل ثالث لا يأتي هنا.

قال: قيل: أنه تعالى ذم إبليس على الترك ولولم يقتض الفور لما استحق الذم.

قلنا: لعل هناك قرينة عينت الفورية قيل سارعوا يوجب الفورية.

قلنا: فمنه لا من الأمر قيل لو جاز التأخير فإما مع بدل فيسقط أولا معه فلا يكون واجبا وأيضا إما أن يكون للتأخير أمد وهو إذا ظن فواته وهو غير شامل لأن كثيرا من الشباب يموتون فجأة أولا فلا يكون واجبا.

قلنا: منقوض بما إذا صرح به قيل النهي يفيد الفور فكذا الأمر. قلنا: يفيد التكرار.

احتج القائلون بالفور بأوجه:

أحدها: قوله تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} ١ عابه على كونه لم يأت في الحال بالمأمور به وهو يدل على أنه واجب الإتيان بالفعل حين أمر به إذ لو لم يجب لكان لإبليس أن يقول ما أوجبت على في الحال فكيف استحق الذم بتركه في الحال أجاب تبعا للإمام بأنه يحتمل ان يكون ذلك الأمر مقرونا بما يدل على أنه على الفور.


١ سورة الأعراف آية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>