للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الهندي وهو ضعيف لأن ظاهره يدل على ترتيب الذم بمجرد ترك المأمور به فتخصيصه بأمر آخر غير خلاف للظاهر.

قال: وهذا وإن كان لازما على كل من يجب بهذا الجواب إلا أن الملام فيه على الإمام اشد لأنه أجاب عن هذا الجواب لما اعترض به على استدلاله بهذا النص على ان الآمر للوجوب والمصنف تبعه في الموضعين قال الهندي ثم.

والأولى: أن يقال في جوابه أن هذا الامر كان مقرونا بما يدل على أنه للفور بدليل قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ١ فانه جعل الامر بالسجود جزاء لشرط التسوية والنفخ والجزاء يحصل عقيب الشرط وإنما أفاد الأمر هنا الفور بهذه القرينة وهذا الجواب إن صح فلك أن تقول هذه القرينة هي التي أوجبت للإمام أن يقول هنا لعل قرينة أوجبت وأما في مسالة الأمر هل يقتضي الوجوب فلا قرينة فكان ما ادعاه الإمام من القرينة موجودا دون ما ادعاه الخصم ثم والحاصل أن كلا منهما ادعى قرينة والاصل عدمها وتأيدت دعوى الإمام والمصنف بهذه الآية فصح ما قالاه وفي صحة الجواب نظر من جهة أنه قد يمنع أن الجزاء يحصل عقيب الشرط وليس هنا ما يتخيل دلالته عليه إلا الفاء في قوله: {فَقَعُوا} وهي لا تدل عليه إلا إن كانت للتعقيب وقد نص النجاة أو على أنها إذا وقعت جوابا للشرط لا تقتضي تعقيدا.

وقال بعضهم: إن في الآية قرينة أخرى وهي فعل الأمر في قوله: {فَقَعُوا} إذ هو العامل في إذا لأنها ظرف والعامل فيها جوابها فصار التقدير: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} وقت تسويتي إياه وهذا صحيح على رأي الجمهور القائلين بأن العامل في إذا جوابهما ولكن قال بعض البصريين أن العامل فيها ما يليها حكاه شيخنا أبو حيان في البحر المحيط عند قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا} وهو متجه في هذه الآية لأن ما بعد الفاء لا يجوز أن يعمل فيما قبلها


١ سورة ص آية ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>