للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يتجه في مثل: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} أن يقال العامل في إذا جوابها بل هذا وأمثاله تصلح اعتراضا على الجمهور القائلين بهذه المقالة.

الوجه الثاني قوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ١ فانه يوجب أن الأمر للفور لأنه بالمسارعة وهي التعجيل بالمأمور به والأمر للوجوب والمسارعة واجبة ولا معنى لان الأمر يقتضي الفور الا ذلك وحمل المغفرة على حقيقتها في الآية ممتنع لان المغفرة من فعل الله تعالى والعبد لا يسارع إلى فعله محمول على المجاز وهو المأمور به وفي معنى هذه الآية قوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} وأجاب بأن الفورية لم تستفد من الأمر بل من قوله سارعوا يعني من جوهر اللفظ لأن لفظ المسارعة دال عليه كيف ما تصرف بل لمباحث أن يقلب هذا الدليل ويستدل به على عدم الفور لأن المسارعة مباشرة الفعل في وقت مع جواز الإتيان به في غيره ولقائل أن يقول لا نسلم تفسير المصارعة بما ذكرتم بل المسارعة عبارة عن التعجيل بالفعل المطلوب كما تقول سارعت إلى إنقاذ الغريق وإن كانت المبادرة إلي ذلك واجبة وذلك أعم من أن يجوز مع ذلك فعله في وقت آخر أم لا ثم قولكم الفورية لم تستفد من الأمر بل من مادة سارعوا فيه تسليم لوجوب فعل المأمورات الشرعية على الفور بما دل على ذلك من قوله سارعوا فحاصل ما أجبتم به أنكم سلمتم ثبوت الفور في المأمورات ولكن قلتم ان ذلك ليس من مدلول الامر بل من دليل منفصل وهذا يحصل به معظم مقصود الخصم أن الفرض الأعظم إنما هو الأوامر الشرعية.

وقد يقال: دلالته على وجوب المسارعة إلى أسباب المغفرة بطريق الاقتضاء فلا يلزم منه وجوب المسارعة إلى جميع أسباب المغفرة بناء على المقتضى وهو ما اضمر ضرورة صدق المتكلم لا عموم له فيختص ذلك بما اتفق على وجوب تعجيله ولا يعم كل مأمور.

الثالث: لو لم يكن الأمر للفور لكان التأخير جائزا وجوازه إما مع بدل أو لا معه والضمان باطلان:


١ سورة آل عمران آية ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>