أما الأول فلأن البدل هو الذي يقوم مقام المبدل من كل الوجوه فإذا أتى بهذا البدل وجب أن يسقط عنه هذا التكليف ليس كذلك بالاتفاق.
وأما الثاني فلأن ذلك يمنع من كونه واجبا لأنه لا يفهم من قولنا ليس بواجب إلا أنه يجوز تركه من غير بدل.
الرابع: أنه لم يكن الفور وجاز التأخير لكان إما إلى أمد أي غاية معينة بحيث إذا وصل المكلف إليها لا يجوز له التأخر عنها أو لا يكون له أمد أي بأن يجوز له التأخير أبدا والقسمان باطلان فالقول بجواز التأخير باطل.
أما الأول: فلأن ذلك الأمد لا بد له من أمارة يعرفه المكلف بها لئلا يلزم وقوع التكليف بما لا يطاق ولذلك لم يكن للخصم أن يقول يجوز أن يكون الأمد غاية مجهولة عند المكلف لأنه يصير مكلفا بأن لا يؤخر الفعل عن وقت معين مع عدم معرفته به وهو تكليف بما لا يطاق وإذا كان لا بد له من أمارة يعرفها المكلف فتلك الأمارة هي بالاتفاق ظن الفوات على تقرير الترك إما لكبر السن أو الفرض الشديد وذلك الأمر غير شامل للمكلفين لأن كثيرا من الناس يموتون فجأة ويقتلون بغتة من غير حصول إمارات للموت فيلزم أن لا يشملهم الأمر وليس كذلك.
وأما الثاني: فلأن التأخير أبدا يجوز الترك أبدا وتجويز أبدا ينافي الوجوب وأجاب عن هذين الوجهين بالنقض بما إذا صرح للمكلف بجواز التأخير مثل أن يقال له أوجبت عليك أن تفعل كذا في أي وقت شئت أو ولك التأخير فإن هذين الوجهين يطردان فيه مع جواز التأخير بالإتفاق.
قال الإمام: فكل ما جعلوه عذرا في هذه الصورة فهو عندنا عما ذكروه وسنذكر ما تحصل به المناقشة في هذا الجواب إن شاء الله تعالى وأجيب عنه أيضا بالتزام أن الأمد غير معين ولا يلزم التكليف بما لا يطاق لأنه إنما يلزم إذ لو لم يجز الإتيان به على الفور أما إذا جاز فعله على الفور فلا يلزم تمكن المكلف من الامتثال في الحال والتكليف بالمحال هو التكليف بالمتعذر امتثاله من كل وجه.