وإن كان كل منهما يلزم الآخر فمتى انتقل من حيز فقد حصل في غيره ومتى حصل في غيره بعد حصوله فيه فقد انتقل بكل من المحصولين أمر ثبوتي يمكن ان يعقل وحده والانتقال أمر نسبي لا يعقل بينهما فكذلك المنهي عنه ارتكابه شيء لا يحتاج في تصوره إلى غيره وفعل ضده شيء لا يحتاج في تصوره إلى غيره والانتهاء شيء.
ثالثا: وهو عندي هو المطلوب بالنهي لا كما قاله الجمهور ولا كما قاله أبو هاشم وعندي ان الجمهور إنما أرادوا ما قلته ولكن العبارة عنهم لم نحرر فإذا قلت لا تسافر فقد نهيته عن السفر وانهي يقتضي الانتهاء لأنه مطاوعة نقول نهيته فانتهى والانتهاء هو الانصراف عن المنهى عنه وهو الترك وهو الإنزجار المطاوع لزجر والإنكفاف وما أشبه ذلك ولغة العرب تشهد لهذا والمعقول ايضا يشهد له ويفرق في العقل وفي اللغة بين قولنا لا تسافر وبين قولنا أقم وإن أقم أمر بالإقامة من حيث هي فقد لا يستحضر معها السفر وان لا تسافر نهي وزجر عن السفر فمن أقام قاصدا ترك السفر يقال فيه انتهى عن السفر ومن لم يخطر له السفر بالكلية الا يقال له انتهى عن السفر لا ويقال له مقيم والانتهاء أمر معقول وهو فعل ويصح التكليف به وكذلك في جميع المناهي الشرعية كالزنا والسرقة الشرب ونحوها المقصود في جميعها الانتهاء عن تلك الزوائل ولا يفهم في وضع اللسان وتصور العقل غير ذلك ومن لازم ذلك الانتهاء التلبس بفعل ضد أضداد المنهي عنه فالعبارة المحررة ان يقال ان المطلوب بالنهي الانتهاء ويلزم من الانتهاء فعل ضد المنهي عنه ولا يعكس فيقال المطلوب ضد المنهي عنه ويلزم به الانتهاء متقدم في الرتبة في العقل على فعل الضد فكان معه كالسبب مع المسبب فالكافر إذا اسلم فقد وجد منه ثلاثة أشياء كفره أولا المنهى عنه ثم انتهاؤه عنه والترتيب بينهما في الزمان تم تلبسه بالإيمان الترتيب بينه وبين الانتهاء عن الكفر ليس في الزمان وانما هو في الرتبة ترتب المعلولية على العلية وهما في زمان واحد كذلك الانتهاء وفعل الضد في زمان واحد والانتهاء متقدم بالرتبة نقسم العلية عن المعلولية على العلية وهما في زمان واحد كذلك الانتهاء وفعل الضد في زمان واحد والانتهاء متقدم