بالرتبة تقدم العلية عن المعلولية حتى لو فرض ان الانتهاء يحصل دون فعل الضد حصل المطلوب به ولم يكن حاجة إلى فعل الضد لكن ذلك فرض غير ممكن وهذا المعنى حاصل في الأفعال وكل ما يتلبس به الإنسان والمقصود بالذات هو الانتهاء واما فعل الضد فلا يقصد الا بالالتزام بل قد لا يقصد أصلا ولا يستحضره المتكلم ومتى قصد فعل الضد وطلبه من حيث هو كان أمرا لا نهيا عن ضده ومتى أتى بصيغة أمر في مبنى الانتهاء كقوله اترك فهذا لفظه لفظ أمر ومعناه معنى النهي وبينهما فرق وهو انا قلنا ان الانتهاء له طرفان.
أحدهما: من جانب المنهي عنه.
والثاني: من جانب ضده الذي به يحصل الانتهاء فقوله لا نفعل جانب المنهي عنه أقوى وقوله اترك الجانب الآخر فيه أقوى ولا مانع أن يترجح أحد الجانبين على الآخر وان كانا جميعا مقصودين أما إذا محض الأمر بهذا الضد أو بذلك فلا نهي البتة وقد لا يستحضر معه الطرفان الآخر فعلى ما قلناه ينبغي أن يجعل كلام الجمهور ومن عبر عنهم بتلك العبارة فإما غير مقابل لمعناها ولها قصده تقريب المعاني إلى الطالب المبتدي فان التعمق في المعاني يضر المبتدي ومن آداب المعلم أن يربي الناس بصغار العلم قبل كباره واما قول أبى هاشم أن المطلوب نفس أن نفعل فهو وان كان يبتدر إلى الذهن في الأول لأن حرف النهي ورد على الفعل فقد طلب منه عدمه لكن نفس أن لا يفعل عدم محض فلا يكلف به ولا يطلب وانما يطلب من المكلف ماله قدرة على تحصيله فلعل مراد أبي هاشم العدم الذي هو من الانتهاء والانتهاء فعل فان أراد ذلك تقارب المذهبان ويكون الجمهور نظروا إلى حقيقة ما هو مكلف به وأبو هاشم نظر إلى المقصود به وهو إعدام دخول النهي عنه في الوجود وان لم يرد أبو هاشم ذلك أراد أن العدم المحض الذي لا صنع للمكلف في تحصيله فهو باطل إذا عرف هذا فقول خارج المحصول أن هذه المسالة لا يشتبه بأن النهي عن الشيء أمر بضده لان الكلام في ذلك لفظي وفي هذه معنوي ليس بجيد أما أولا فلأنه ليس الكلام في تلك لفظيا فقط بل لفظيا ومعنويا وحقيقة