للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي والأثر أمران نفسانيان يعبر عنهما بلفظ الكلام في حقائقهما وأما ثانيا فلان الأمر بالشيء لفظا يقتضي أن المطلوب المعنوي مأمور به على ما قال فيحصل الاشتباه واما الذي قاله القرافي فالوجه الأول صحيح ولكنه لا يفيده بجواب ولا شك أن المتعلق بكسر اللام غير المتعلق بفتحها والفرق بينهما صوري ولا يلزم منه عدم تداخل إحدى المسالتين في الأخرى.

وأما الوجه الثاني: فقوله أن النهي عن الشيء أمر بضده التزاما صحيح وقوله المطلوب بالنهي فعل الضد مطابقة ليس بصحيح لما قدمناه لكنه موافق لظاهر كلام الأصوليين فحينئذ هذا الجواب الثاني من كلام القرافي ينبغي أن يكون هو العمدة عل ظاهر كلام الأصوليين لكنا لا نوافق عليه لما قدمناه فالمختار عنده في المسألتين أن الكلام في الالتزام لا في المطابقة وحينئذ نقول وأقدم على زيادة في بيان ما كنا فيه أن النفي له في اللغة معنيان.

أحدهما: فعل الفاعل النفي تقول نفيت الشيء فانتفى وهذا هو اظهر المعنيين.

الثاني: نفس الإعفاء تقول: نفي الشيء هكذا سمع من اللغة وعلى هذا المعنى الثاني يكون النفي والإثبات نقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان ويكون المراد بالإثبات الثبوت كما أن المراد بالنفي الانتفاء واما إذا أردت بالنفي نفيك الشيء وبالإثبات إثباتك له فيكونان ضدين لا نقيضين لأن قد لا تنفى ولا تثبت وهذا البحث ليس مما نحن فيه ولكنه يحتاج إلى تصوره بحث آخر منه وهو العدم تارة يكون عنده الشيء في نفسه من حيث هو هو من غير نظر إلى معدم وتارة يكون عدما غير والعدمان في حقيقتهما سواء ولكن الأول بلا فاعل والثاني بفاعل وفعل ضده كذلك فأبو هاشم يرى ان المطلوب بالنهي الأول والجمهور يرون ان المطلوب بالنهي الثاني والحق معهم لأنه الذي يصح به التكليف فالعدم من حيث هو أمر وعدم الزنا من حيث هو أخص منه ولا فعل معه البته وهو الذي يقول أبو هاشم انه مطلوب وعدم الزنا بفعل فاعل وهو كف النفس عنه شيء ثالث أخص من الثاني أي هو أخص من الأول وفيه أمران

<<  <  ج: ص:  >  >>