للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: طرف العدم.

والثاني: طرف الفعل المحصل له وهو من الطرف الأول ليس بشيء لانه عدم ولا يكلف به من الطرف الثاني ثبوت لذلك اطلقنا في كلامنا عليه اسم الشيء فيصح التكليف به وهو مراد الجمهور وفعل الفاعل من حيث هو مع قطع النظر عن العدم الحاصل به أمر رابع وهو أمر وجودي لا عدم معه وهو الذي يراد غالبا بالضد فهذا هو المراد بقولنا الامر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء أمر بضده أو بأحد اضداده وإذا علمت هذه الاربعة فاعتبرها تجدها في سائر الأمور فكل أمر لك إقبال عليه وانصراف عنه وتلبس بفعل غيره وفي الانصراف عنه نسبتان والامام فخر الدين لما كان يرى ان الحركة هي الحصول في الخبر الثاني لاجرام قال ان المطلوب بالنهي فعل ضده ونخن نرى ان الحركة هي الانتقال من الخبر الأول إلى الخبر الثاني لا جرام قلنا ان المطلوب بالنهي الانتهاء وهو الانصراف عن المنهي عنه إلى غيره لا يقصد غيره بل يقصد عدم الأول فإن فعل غيره قاصدا له الانتهاء كان متمثلا وان فعل غير قاصد الانتهاء لم يكن ممتثلا ولكنه لم يأثم لأنه لم يرتكب المنهى والمقصود هنا في الحقيقة إنما هو عدم المنهى عنه ولو كان المقصود ان يضم إلى العدم شيئا آخر لكان من لم يزن ولا قصد الامتثال ولا ونقول عدم الذم بكونه عاملا عن النهي فإنا نعرضه فمن استحضر النهي ولم يفعل المنهى عنه ولا قصد شيئا فإنه لا يذم ولا يحمد وهذا يبين لنا الفرق بين تحريم الشيء وإيجاب الكف عنه فإن إيجاب الكف عنه يقضي أنه لا يخرج عن العهدة إلا بتحصيل الكف الذي من شرطه إقبال النفس عليه ثم كفها عنه وليس كذلك وانما الفعل هو المحرم فلا يأثم الا به وقد أطلنا في ذلك فلنرجع إلى غرضنا ونقول قولهم المطلوب بالنهي فعل ضد المنهى عنه مرادهم به الضد العام وهو الانتهاء الحاصل بواحد من اضداده المنهى عنه وقولهم النهي عن الشيء أمر بضده قد بينوا انه بطريق الالتزام مرادهم به الضد الخاص وهو أحد الأضداد الذي يحصل الانتهاء به وبغيره فان أرادوا الضد العام لزم من كل من المسألتين الأخرى لكنه لا يكون تكرارا فلا يكون مسألة واحدة بل هما

<<  <  ج: ص:  >  >>