المقدمة الثانية: اصطلحوا على ان المعنى يقال له اعم وأخص واللفظ يقال له: عام وخاص ووجه المناسبة ان اعم صيغة افعل التفضيل والمعاني افضل من الألفاظ فخصت بصيغة افعل التفضيل قال القرافي ومنهم من يقول فيهما عام وخاص ايضا.
المقدمة الثالثة: مدلول العموم كلية لا كل ولا كلي وبيان يتوقف على معرفة الكل والكلي والكلية الجزء الجزئية أما الكل فهو المجموع الذي لا يبقى بعده فرد والحكم فيه كالخمسة مع العشرة فالجزء بعض الكل.
كقولنا: كل رجل يحمل الصخرة فهذا صادق.
وأما الكلي: فهو الذي يشترك في مفهومه كثيرون وان شئت قلت القدر المشترك بين جميع الأفراد كمفهوم الحيوان في أنواعه والإنسان في أنواعه فان الحيوان صادق على جميع أفراده ويقابله الجزئي كزيد وحاصله ان الكلي مع قيد زائد وهو تشخيصه فلك ان تقول: الكلي بعض الجزئي.
وأما الكلية: فهي التي يكون الحكم فيها على كل فرد فرد بحيث لا يبقى فرد مثل قولنا: كل رجل يشبعه رغيفان غالبا فإنه يصدق باعتبار الكلية أي كل رجل على حدته يشبعه رغيفان غالبا ولا يصدق باعتبار الكل أي المجموع من حيث هو مجموع فانه لا يكفيه رغيفان ولا قناطير عديدة لأن الكل والكلية يتدرج فيهما الأشخاص الحاضرة والماضية والمستقبلة وجميع ما في مادة الإمكان وانما الفرق بينهما ان الكل يصدق من حيث المجموع والكلية يصدق من حيث الجميع وفرق بين المجموع والجميع فإن المجموع الحكم على الهيئة الاجتماعية لا على الأفراد والجميع الحكم على كل فرد فرد ويقابلها الجزئية وهي الحكم على أفراد حقيقة من غير تعيين كقولك بعض الحيوان إنسان فالجزئية بعض الكلية إذا عرفت ذلك فمسمى العموم كلية لا كل وإلا لتعذر الاستدلال به في النفي والنهي على ثبوت حكمه لفرد من أفراده.