كما عرفت فلا يصح الاستدلال به على ثبوت حكمه للفرد المعين في النفي والنهي الا إذا كان معناه الكلية التي يحكم فيها على كل فرد بحيث لا يبقى فرد كما عرفت وحينئذ يستدل بها على أي فرد شئنا من الأفراد في النفي والنهي فإنما يختلف الحال بين الكل والكلية في النفي والنهي لا في الامر وحين الثبوت فمدلول العموم كلية لا كل لصحة الاستدلال به على ثبوت حكمه لكل فرد من أفراده عند القائلين به اجماعا فإن قوله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} دال على تحريم قتل فرد من أفراد النفوس بالاجماع وليس معناه ولا تقتلوا مجموع النفوس وإلا لم يدل على كل فرد فرد فلا يكون عاصيا بقتل الواحد ألانه لم يقتل المجموع إذا تقرر هذا فهنا سؤال قوي شغف به الشيخ أبو العباس القرافي وهو ان دلالة العموم على كل فرد من أفراده نحو زيد المشترك مثلا من المشتركين.
لا يمكن ان يكون بالمطابقة ولا بالتضمين ولا بالالتزام وإذا بطل ان يدل لفظ العموم على زيد مطابقة وتضمنا والتزاما بطل ان يدل لفظ العموم مطلقا لانحصار الدلالة في الاقسام الثلاثة إنما قلنا لا يدل عليه بطريق المطابقة لأنها دلالة اللفظ على مسماه بكماله ولفظ العموم لم يوضع لزيد فقط حتى تكون الدلالة عليه مطابقة.
وإنما قلنا: لا يدل بالالتزام لان الدلالة الالتزام هي دلالة اللفظ على لازم مسماه ولازم المسمى لا بد وان يكون خارجا عن المسمى وزيد ليس بخارج عن مسمى العموم لأنه لو خرج لخرج عمرو وخالد وحينئذ لا يبقى في المسمى شيء فدل على انه لا يدل بالمطابقة ولا الالتزام وانما قلنا لا يدل بالتضمي لان دلالة التضمن هي دلالة اللفظ على جزء مسماه والجزء إنما يصدق إذا كان المسمى كلا لأنه مقابلة ومدلول لفظ العموم ليس كلا كما عرفت فلا يكون زيد جزءه فلا يدل عليه تضمنا.
فتبين بطلان دلالة لفظ العموم على زيد بشيء من هذه الثلالة والدلالات القاصرة فيها تبطل ان يدل لفظ العموم مطلقا وقد سار هذا السؤال غورا ونجدا ولم أر من أجاب عنه الا الشيخ شمس الدين الاصفهاني في شرح المحصول