والثاني: الصفة كالزنا مثلا وأداة العموم لما دخلت عليه أفادت عموم الشخص لا عموم الصفة والصفة باقية على إطلاقها فهذا معنى قولهم العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع أي كل شخص حصل منه مطلق زنا حد وكل شخص حصل منه مطلق شرك قتل بشرطه ورجع العموم والاطلاق إلى لفظة واحدة باعتباره مدلوليها من الصفة والشخص المتصف بها فافهم ذلك ثم انه مع هذا لا نقول كون الصفة مطلقة يحمل على بعض مسماها لأنه يلزم منه إخراج بعض الأشخاص نعم لو حصل استغراق الأشخاص لم يحافظ مع ذلك على عموم الصفة لا طلاقها وهكذا الحديث الذي تمسك به الشيخ تقي الدين وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول" الاستقبال مطلق وبدخول النهي عليه صار عاما فكل استقبال منهي عنه والاستقبال في الشام أو غيره لو أخرج لبطل العموم فأدرجه في النهي من جهة إرادة العموم لا من جهة عموم موضوعه.
المقدمة الخامسة: اتفقت النحاة على ان أربع صيغ من جموع التكسير وان جموع السلامة مذكرا كان أو مؤنثا للعلة وهي العشرة فما دونها وهي التي يجمعها قول الشاعر:
بأفعل وبأفعال وأفعلة ... وفعلة يعرف الأدنى من العدد
وسالم الجمع أيضا داخل معها ... فهذه الخمس فاحفظها ولا تزد
نحو أفلس وأحمال وأرغفة وصبية ومسلمين ومسلمات.
واتفق الأصوليون القائلون بالعموم وهم اكثر حملة الشريعة على ان صيغة المشركين وما شابهها للعموم وكذلك الأحمال والأرغفة فقد يقال هذان فرقتان عظيمتان تنقل عن العرب وكل واحدة نقلت عكس ما نقلته الأخرى فأين العموم الذي هو غير متناهي الأفراد من العشرة فما دونها ولا سبيل إلى تكذيب كل واحدة من هاتين الفرقتين العظيمتين فما وجه الجمع بين كلاميهما والجواب ما ذكره امام الحرمين وقال انه الذي استقر عليه نظره في