محاولة الجمع بين مسالك الأئمة في ذلك وهو ان قول النحاة إنها للعشرة فما دونها إنما هو فيما إذا كان الجمع منكرا نحو مشركين وأحمال ونقل الاصوليين إنما هو حال التعريف بالألف واللام فإنه حينئذ يعم كل جمع وذلك بمنزلة رجل المنكر فإنه للواحد من بني آدم وبالتعريف يعم كل فرد واما الجمع حال التنكير فلا يقول فيه بالتعميم الا من شذ كالجبائي أو ممن حمل المشترك على معنييه وجعل ذلك من باب العموم فالسؤال عليه منقدح يحتاج إلى جواب.
ولقائل ان يقول: الفقهاء على أن من أقر بدراهم قبل منه تفسيرها بثلاثة وهي جمع كثرة واقله باتفاق النحاة أحد عشر فما الجمع بين الكلامين اللهم الا ان يدعي الفقيه ان العرف شاع في إطلاق دراهم على ثلاثة واشتهر فصار حقيقة عرفية وهي مقدمة على اللغوية ولا يكفيه ان يقول إطلاق جمع الكثرة على القلة يصح مجازا والاصل برآة عما زاد فقبلناه تفسيره بثلاثة لذلك لانا نقول لا يقبل من اللافظ بحقائق الالفاظ في الأقارير التفسير بالمجاز الا ترى ان من أقر بأفلس لا يقبل منه التفسير بفلس واحد وإن صح إطلاق الجمع على الواحد مجازا.
المقدمة السادسة: دلالة العموم قطعية عند جماعة وظنية عند آخرين.
واشتهر قول الشافعي: إنها ظنية.
وقال إمام الحرمين: في أوائل العموم الذي صح عندي من مذهب الشافعي ان الصيغ العامة لو صح تجردها عن القرائن لكانت نصا في الاستغراق وانما التردد فيما عدا الأقل من جهة عدم القطع بانتفاء القرائن المخصصة وكذلك ذكر الكيال في تعليقه في الأصول وقد نجز ما قصدنا إيراده من المقدمات فلنلتفت إلى شرح الحد الذي اورده في الكتاب فنقول قوله لفظ جنس ويؤخذ من التعبير به ان العموم عنده من عوارض الالفاظ فقط.
فإن قلت: فقد نص بعد ذلك على جواز تخصيص العلة والمفهوم والتخصيص فرع العموم.