فإن قلت هذا ضعيف لأن الأعم إنما لا يدل على الأخص في ظرف الاثبات أما في ظرف النفي فيدل لأن نفي العام يدل عل نفي الخاص وهذا نفي للحقيقة التي هي أعم فينبغي جزئياتها الا ترى إلى تكذيبك من قال لم أر حيوانا وكان قد رأى إنسانا وهذا يصلح ابتداء دليل لنا فإن لا استوى نكرة دخل عليها حرف النفي فيكون العموم لموافقتكم إيانا على ان النكرة في سياق النفي للعموم.
قلت: هذا بحث صحيح حقا من جهة قولنا ان الاستواء اعم وكل فرد من أفراده أخص ونحن إنما قلنا ذلك جريا على متن الكتاب والذي عندنا ان الاستواء شيء واحد مدلوله واحد وهو الاستواء من جميع الوجوه وما يحصل بين زيد وعمرو من المساواة في بعض الوجوه فليست المساواة المطلقة بل مساواة خاصة فإذا نفيت تلك المساواة التي موضوعها جميع الوجوه لم يلزم ان لا يثبت مساواة أخرى مقيدة ببعض الوجوه وانما يلزم ذلك ان لو كان ثم أعم وأخص.
فإن قلت: هل هذا في حال النفي على الوجه الذي قررتم سلب للعموم فان مدلول المساواة على ما ذكرتم جميع الوجوه فلا يلزم من انتفائها أن لا يثبت من بعض الوجوه:
قلت: لو كان مدلوله متعددا لكان كذلك ولكنا نجعله شيئا واحدا وهو المساواة المتعلقة بجميع الوجوه فإذا نفيته انتفت تلك المساواة إذ هي التي كانت مشتبهة ولا يلزم أن لا يثبت مساواة أخرى مقيدة لم يتعرض لها إثباتك ولا نفيك.
البحث الثاني: واليه أشار بقوله بخلاف لا آكل تقريره أنه إذا حلف لا يأكل وتلفظ بشيء معين مثل والله لا آكل التمر أو لم يتلفظ لكن أتى بمصدر ونوى شيئا معينا فلا خلاف بين الإمامين الشافعي وأبى حنيفة انه لا يحنث بغيره وأما إذا لم يتلفف بالمأكول ولا أتى بالمصدر ولكن خصصه بالنية كما إذا قال والله لا أكلت في النفي ونوى شيئا معينا ففي تخصيص الحنث بالمنوي مذهبان مأخذهما ان قولك لا آكل هل هو سلب الكلي وهو