القدر المشترك في الأكل أو ان حرف النفي الداخل على النكرة عم لذاته وقد تقدم هذا فان قلنا:
بالأول: كما هو قول الحنفية فلا يقبل التخصيص لأنه نفي الحقيقة وهو شيء واحد ليس بعام والتخصيص فرع العموم وان قلنا: بالثاني: عم لكونه نكرة في سياق النفي وإذا ثبت كونه عاما قبل التخصيص كسائر العمومات والمصنف في هذا البحث اختار مذهب الشافعي رضي الله عنه واستدل بالقياس على ما لو قال لا آكل أكلا فان أبا حنيفة سلم قبوله للتخصيص بالنية قال المصنف فكذلك لا آكل فان المصدر موجود فيه لكونه مشتقا منه وقد فرق من اختيار مذهب أبي حنيفة بأن آكل يتضمن الصدر والمصدر إنما يدل على الماهية من حيث هي والماهية من حيث هي لا نعدد فيها فليست بعامة فلا يقبل التخصيص فيحنث بالجميع قال واما آكل فليس بمصدر لأنه يدل على المرة الواحدة وحينئذ يصح تفسير ذلك الواحد بالنية فلهذا لا يحنث بغيره قال صاحب الكتاب وهو ضعيف لان هذا مصدر مؤكد بلا نزاع والمصدر المؤكد يطلق على الواحد والجميع ولا يفيد فائدة سوى تقوية المؤكد فلا فرق حينئذ بين الأول والثاني.
واعلم ان الأمام مال في هذه المسالة على أصحابنا وقال نظر أبى حنيفة فيها دقيق لان النية لصحت أما في الملفوظ أو غيره والأول باطل لان الملفوظ هو الأكل وهو ماهية واحدة لا يقبل التعدد فلا تقبل التخصيص فان أخذت مع قيود زائدة عليها تعددت وحينئذ تصير محتملة للتخصيص لكن تلك زوائد غير ملفوظة بها فالمجموع الحاصل من الماهية ومنها غير ملفوظ فيكون القابل لنية التخصيص غير ملفوظ وهذا هو وان جاز عقلا الا ان نبطله بالدليل الشرعي فنقول إضافة ماهية الأكل إلى الخير تارة والى اللحم أخرى إضافات تعرض لها بحسب اختلاف المفعول به وإضافتها إلى هذا اليوم وذاك وهذا الموضوع وذاك إضافات عارضة بحسب اختلاف المفعول فيه ثم اجمعنا على انه لو نوى التخصيص بالمكان والزمان لم يصح فكذا التخصيص بالمفعول به والجامع رعاية لاحتياط في تعظيم اليمين هذا