للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن أبا مسلم لم يدع عدم النسخ في الآية بهذا التقرير المذكور بل بتقرير غيره فنقول اختلف العلماء في هذه الآية فذهب جمهور المفسرين إلى أنها منسوخة بقوله: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} كما ادعاه الأصوليون وهو الذي رواه البخاري بسنده إليه الى أنها غير منسوخة وإنها ان لم تختر السكنى كانت عدتها: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} كما في إحدى الآيتين وإن اختارت اعتدت بحول كما في الآية الأخرى فحمل الآيتين على حالتين وذهب أبو مسلم الاصبهاني الى قول ثالث وهو ان معنى الآية ان الذين يتوفون ان كانوا قد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكنى الحول فالعدة بالحول فإن خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد المدة التي ضربها الله تعالى لهن فلا حرج فيما فعلن في أنفسهن من معروف أي نكاح صحيح لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة قال والسبب في ذلك انهم كانوا في زمان الجاهلية يوصون بالنفقة والسكنى حولا كاملا وكان يجب على المرأة الإعتداد بالحول فبين الله تعالى في هذه الآية ان ذلك غير واجب وعلى هذا التقدير فالنسخ زائل عند أبي مسلم ولكن ليس بالطريقة المتقدمة من ان الحامل قد تعتد بسنة وحينئذ لا يصلح الاستدلال بالآية عليه.

وقوله هذا هو الذي اختاره الإمام في التفسير وقال انه في غاية الصحة وقد وافق والدي احسن الله إليه مجاهدا وأبا مسلم على ان الآية غير منسوخة وذهب الى رأي رابع ارتضاه وهو ان الله تعالى انزل في المتوفى عنها زوجها آيتين:

إحداهما: آية العدة بأربعة أشهر وعشرا.

والثانية: آية الوصية ومعناها انه تعالى جعل للأزواج وصية منه سبحانه وتعالى سكنى حول كامل بعد وفاة أزواجهن سواء أوصى الزوج بذلك أم لم يوص وهذا هو ظاهر الآية فلا يخرج عنه بلا دليل.

الوجه الثاني: انه تعالى أمر بتقديم الصدقة بين يدي نجوى الرسول في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} ١ ثم نسخ ذلك بقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ


١ سورة المجادلة آية ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>