للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَقَاتٍ} ١ الآية قال الواحدي اجمعوا على أنها منسوخة الحكم واعترض أبو مسلم بأن ذلك إنما زال لزوال سببه وهو التمييز بين المنافق وغيره لأن المؤمن يمتثل والمنافق يخالف فلما حصل بعد ذلك التمييز سقط الوجوب وأجاب بأن المدعي إنما هو زوال الحكم بعد ثبوته سواء لزوال سببه أم لم يكن لأن ذلك معنى النسخ وهو جواب ضعيف من وجهين:

أحدهما: انه سيأتي في كلامه ان شاء الله تعلى ان زوال الشيء لزوال سببه أو شرطه ليس بناسخ.

الثاني: انه ان أراد التمييز للنبي صلى الله عليه وسلم فهو عليه السلام كان عالما بأعيانهم وسماهم لحذيفة بن اليمان صاحب سره وإن أراد التمييز للصحابة فلا نسلم حصول التمييز لهم وكيف وقد قيل ما كانت الا ساعة من نهار حتى نسخت ومن البعيد حصول التمييز في ساعة واحدة بل الجواب ان الإجماع قد قام على أنها منسوخة كما حكيناه عن الواحدي وان التمييز لا يحصل في ساعة من نهار كما ذكرناه.

واما قول الإمام في الجواب لو كان ذلك لكان من لم يتصدق منافقا وهو باطل لأنه روي انه لم يتصدق غير على رضي الله عنه ويدل عليه قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} فهو ضعيف لأن عدم الصدقة إنما يدل على النفاق لو وجدت النجوى معه وذلك لم يوجد لأنه لم يناج أحد من الصحابة بدون التصدق بل لم يصح أن أحدا ناجاه غير علي رضي الله عنه.

وأما علي فقيل لم يصح انه ناجاه واحتج بذلك على جواز نسخ الحكم قبل العمل به وهذا يشهد له قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا} إذا جعلت إذ على بابها والمعنى أنكم تركتم ذلك فيما مضى ولكن روى ليث عن مجاهد قال قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلى ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى.


١ سورة المجادلة آية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>