للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتب المنزلة على من قبل نبينا صلى الله عليه وسلم وكذلك من بعدهم من التابعين وتابع التابعين لم يفتقروا قط في جزئية ولا كلية الى النصارى واليهود ولا التفتوا نحو التوراة والإنجيل بشفة ولا إيماء مع تقابل الإمارات وتزاحم المشكلات ولقد كانوا يجتزون بقياس الشبه وطرق التلويح والترجيع فكان ذلك اجماعا قاطعا وبرهانا واضحا على عدم الرجوع إلى ذلك.

إذ لو كانوا مخاطبين بشرائع من قبلنا لبحث علماؤنا عنها كما بحثوا عن مصادر الشريعة ومواردها.

قال القاضي فإن قال الخصوم بأن ذلك امتنع عليهم من جهة ان أهل الأديان السالفة حرفوا وبدلوا ولم يبق من نقلة كتبهم من يوثق به حتى قال أهل التواريخ لم يبق من يقوم بالتوراة بعد عزير ولا الإنجيل بعد برخيا قيل لهم الجمع بين هذا السؤال والمصير الى الأخذ بشرع من قبلنا تصريح بالتناقض لأن سياقه بحر الى انه لا يجب تتبع الشرائع المتقدمة لمكان التباسها واندراسها وصيرورة التكليف بها تكليفا بالمستحيل لعدم التمكن من الوصول إليه فكأنكم وافقتم المذهب وخالفتم العلة وإيضا فلو كان لنا تعلق في شرع من قبلنا لنبهنا الشرع على مواقع اللبس حتى لا يتعطل علينا مراجعة الأحكام.

وأيضا فأنا نقول من أحكام الأوائل ما نقل إلينا نقلا يقع به العلم فهل اخذ أهل الاعصار به وإيضا فان من أهل الكتاب من اسلم وحسن إسلامه وبلغ من الأمانة والثقة أعلى الرتبة كعبد الله بن سلام وكعب الاحبار فهلا رجع للصحابة الى قولهما في الاخبار عما لم يبدل من التوارة واعتذر القرافي عن هذا الجواب الأخير بأن الذين اسلموا من الاخبار وان كانوا عدولا عظماء في الدين غير أنهم ليس لهم رواية بالتوراة ولا سند متصل وليس الا انهم وجدوا آباءهم يقرؤون هذا الكتاب والجميع في ذلك الوقت كفار فلا رواية.

ولو وقعت كانت عن الكفار والرواية عن الكفار لا تصح ومن اطلع على أهل الكتاب في شرائعهم ومطالعة أحوالهم حصل على جزم بذلك.

واعترض الخصم بأنه صلى الله عليه وسلم رجع الى التوراة في قصة الرجم ففي الصحيحين

<<  <  ج: ص:  >  >>