للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ان اليهود جاؤوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ان إمرأه منهم ورجلا زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "اتجدون في التوارة في شأن الرجم" قالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرا ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام إرفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقال صدق يا محمد فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما الحديث وهذا اعتراض ضعيف لأن الرجوع إليها إنما كان لإلزام اليهود حيث أنكروا ان وجد وجوب الرجم في التوراة فأقيمت الحجة عليهم بوجود ذلك فيما بين أيديهم وان الحكم فيه موافق لشريعتنا ووضح بهتهم وعنادهم ولم يكن ذلك رجوعا من النبي صلى الله عليه وسلم الى التوراة بل يتعين اعتقاد ان ذلك كان بوحي إليه لتعذر الوصول الى ما في التوراة لعدم اتصال السند عن الثقاة كما ذكره القرافي.

واحتج الخصم بآيات من الكتاب العزيز يدل على انه صلى الله عليه وسلم كان مأمورا باقتفاء الأنبياء السالفة عليهم السلام كقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} ١ وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ٢ وقوله: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} ٣ وقوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ} ٤ وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} ٥ وهو عليه السلام سيد النبيين والجواب ان المراد بذلك إنما هو وجوب المتابعة في الأشياء التي لم تختلف باختلاف الشرائع وتلك أصول الديانات وكلياتها كقواعد العقائد المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته والقواعد العملية المشتركة بين جميع الشرائع لحفظ العقول والنفوس والأموال والأنساب والأغراض فان قلت ألستم تقولون ان هذه الكليات لا تجب عقلا وانما تجب سمعا وإذا ثبت وجوب الاتباع فهو المقصد قلت أجاب القاضي في مختصر التقريب بانا نقول انه تعالى ما أوجب إن نبيه التوحيد الا ابتداء ثم نبه على انه كلفه بمثل ما كلف من قبله قال القاضي رضي الله عنه وأقوى ما يتمسك به في إبطال استدلالهم


١ سورة الشورى آية ١٣.
٢ سورة الأنعام آية ٩٠.
٣ سورة البقرة آية ١٣٠.
٤ سورة النحل آية ١٢٤.
٥ سورة المائدة آية ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>