النفس تمنعها عن إقتراف الكبائر واقتراف الرذائل المباحة كالأكل في الطريق والبول في الشارع.
والضابط أن كل ما لا يؤمن معه الجراء على الكذب ويرد به الرواية ومالا فلا فإن قلت تعاطي الكبيرة الواحدة والرذيلة الواحدة تقدح وتعبيره بالكبائر والرذائل ينفي ذلك والإصرار على الصغيرة قادح ولا ذكر له في التعريف قلت أما الأول فالمراد جنس الكبائر والرذائل الصادق بواحدة.
وأما الثاني فقد قيل هذا من محاسن الكلام لأن الصغيرة بالإصرار تصير كبيرة فلو ذكر الإصرار على الصغيرة لأطال وكرر من غير فائدة فإن قلت التوقي عن الرذائل المباحة من المروءة التي هي شرط في قبول الشهادة وليست شرطا في العدالة وكلامكم أنها هو في العدالة ولرواية نفسها قلت صحيح ولكن لما كان الغرض الكلام في مقبول الرواية أخذ في وصف العدالة شرط القبول وهو تساهل ولو كانت العبارة مقبول الرواية! ذلو الملكة النفسية التي يحمل على ملازمة التقوى والمروءة لكانت أشد وأوضح.
ثم أعلم أن المروءة التي هي شرط في قبول الشهادة هي الترقي عن الأدناس ومنها ما هو مشترط في اصل العدالة.
ومن مجامع القول في ذلك ما ذكره القاضي الماوردي إذ قال المروءة على ثلاثة أضرب ضرب شرط في العدالة قال وهو مجانبة ما سخف من الكلام المؤدي إلى الضحك وترك ما قبح من الفعل الذي يلهو به أو يستقبح فمجانبة ذلك من المروءة المشترطة في العدالة وارتكابها مفسق وضرب لا يكون شرطا فيها وهو الإفضال بالمال والطعام والمساعدة بالنفس والجاه وضرب مختلف فيه وهو على ضربين عادات وصنائع فأما العادات فهو أن يقتدي فيها بأهل الصيانة دون أهل البذلة في أكله وملبسه وتصرفه فلا يتعرى من بلد يلبس فيه أهل الصيانة ثيابهم ولا يتزع سراويله في بلد يلبس فيه أهله السراويلات ولا يأكل على قوارع الطرق ولا يخرج عن العرف في مضغه ولا يغالي بكسرة أكله ولا يباشر ابتياع مأكوله ومشروبه وحمله بنفسه في بلد تتحاماه أهل الصيانة.