للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يفارق ما نحن فيه الصورة التي تجهل التاريخ فيها فإنه وإن أمكن في تلك الصورة أن يحمل على أن المظنون منسوخ بالمقطوع لكن لم يتحقق شرط النسخ فلا يقطع به بمجرد الاحتمال فإن الآفات العارضة للراوي من كذب ونسيان وغيرهما محتملة بل ربما يكون الحمل عليها أهون من الحمل على النسخ مع عدم تحقيق شرطه هذا شرط خبر الواحد.

وأما ما ظن أنه شرط له وليس كذلك فمنه إذا عارض خبر الواحد القياس فأما أن يقتضي أحدهما تخصيص الآخر لأن فيخصيص العلة وخبر الواحد بالقياس جائز وأن تباينا من كل وجه وفيه كلام المصنف فينظر في مقدمات القياس فان ثبت بدليل قطعي قدمنا القياس على خبر الواحد وذلك واضح.

وإن لم تكن مقدمات القياس قطعية فإن كانت كلها ظنية قدم الخبر لقلة مقدماته ولا يتجه أن يكون هذا محل خلاف وإن كان كلام بعضهم وهو طريقة الآمدي يقتضي أنه من صور الخلاف لكنه بعيد وإن كان البعض قطعيا والبعض ظنيا فمفهوم كلام المصنف أن خبر الواحد مقدم أيضا وهو قول الشافعي رضي الله عنه واختيار الإمام وجماعة وقال مالك القياس راجح.

وقال عيسى بن ابان إن كان الراوي ضابطا عالما قدم خبره وإلا كان في محل الاجتهاد وتوقف قوم المختار عندنا ما ذهب إليه أبو الحسين وهو أنه يجتهد فإن كانت إمارة القياس أقوى وجب المصير إليها وإلا فبالعكس وإن استويا في إفادة الظن فالوجه ما ذهب إليه الشافعي ومنه عمل أكثر الأمة بعض الأمة بخلاف خبر الواحد أي لا يوجب رده لأن أكثر الأمة بعض الأمة.

وقول بعض ليس بحجة ومن يقول اتفاق الأكثر إجماع ولا عبرة بالمخالف إذا ندر فاللائق بمذهبه أن يرد به الخبر واما عندنا فلا لكن قول الأكثر من المرجحات فيقدم عند التعارض بمعنى أنه إذا عارض خبر الواحد خبر آخر مثله متعضد بعمل الأكثر قدم على الآخر الذي ليس معه عمل الأكثر ومنه عمل راوي الخبر بخلافه أي بخلاف ظاهر الخبر لا يوجب رده.

<<  <  ج: ص:  >  >>