قال القاضي وهي الأولى وهي أنا قد علمنا قطعا وانتشار أحتجاج السلف في الحث على موافقة الأمة واتباعها والزجر عن مخالفاتها بهذه الأخبار التي ذكرناها قال القاضي وما أبدع مبدع في العصر الخالية بدعة إلا وبخه علماء عصره على ترك الأتباع وإثار الإبتداع.
واحتجوا عليه بالألفاظ التي قدمناها وهذا مالا سبيل إلى جحده وقد تحقق ذلك في زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولم يظهر أحد قبل النظام مطعنا في الأحاديث فلولا أنهم علموا قطعا صدق الرواة لوجب في مستقر العادة أن يبدوا ضربا من المطاعن في الأخبار.
هذا كلام القاضي ولقائل ان يقول أما أن السلف كانوا يوبخون على ترك الاتباع وإيثار الابتداع فمسلم وإما أنهم كانوا يحتجون على ذلك بالألفاظ المتقدمة فغير مسلم ولم تكن هذه الطريقة سالمة عن الإعتراض.
وقال الإمام لم يقل أحد أن الإجماع المنعقد بصريح القول دليل ظني بل منهم من نفى كونه دليلا بالأصالة ومنهم من جعله قاطعا وأما إمام الحرمين فقد أعترف بأنه ليس في السمعيات قاطع على أن الإجماع الاتباع وسلك طريقا آخر عقليا فقال القاطع على أنه حجة قاطعة أنا نقول للإجماع فيه صورتان نذكرهما ونذكر السبيل المرضي في اثبات الإجماع في كل واحدة منهما.
إحداهما: أن يصادف علماء العصر على توافرهم في أطراف الخطة وأوساطها مجمعون على حكم مظنون والرأي فيه مضطر فيعلم والحالة هذه أن اتفاقهم إن وقع فلا يحمل على وفاق اعتقادهم وجريانها على منهاج واحد فإن ذلك مع تطرق وجوه الإمكان واطراد الاعتياد مستحيل بل يستحيل اجتماع العقلاء على مقطوع به في أساليب العقول إذا كان لا يتطرق إليه إلا بانضمام نظر وسبر فكر وذلك لاختلاف الناظرين في نظرهم.
فإذا كان حكم العادة هذا في النظري القطعي في الظن بالنظري الظني الذي لا يفرض فيه قطع فإذا تقرر أن اطراد الاعتياد يحيل اجتماعهم على قول الظن فإذا الفيناهم قاطعين بالحكم لا يرجعون فيه رأيا ولا يرددون قولا فيعلم