للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعا أنهم أسندوا الحكم إلى شيء سمعي قطعي عندهم ثم لا يبعد سقوط النقل فيه.

والصورة الثانية: إذا أجمعوا على حكم واسندوه إلى الظن وصرحوا به فهذا أيضا حجة قاطعة والدليل عليه أنا وجدنا العصبة الماضين والأئمة المنقرضين متفقين على تبكيت من يخالف إجماع علماء الدهر فلم يزالوا ينسبون المخالف إلى الممروق والمحاداة والعقوق ولا يعدون ذلك أمرا هينا بل يرون الاستجواء على مخالفة العلماء ضلالا بينا.

وإجماعم هذا مع الإنصاف كالقطع في محل الظن عند نظر العقل فإذا التحق هذا بإجماعهم قطعا في حكم مظنون قطع به المجتمعون من غير ترديد ظن فليكن الإجماع على تبكيت المخالف وتعنيفه مستند قاطع ولا يبعد أن يكون ذلك بعض الأخبار التي ذكرناها من تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرائن الأحوال قصد النبي صلى الله عليه وسلم في انتصاب الإجماع حجة ثم عملوا ذلك وعملوا به واستجروا على القطع بموجبه ولم يهتموا بنقل سبب قطعهم فقد تقرر انتصاب الإجماع دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا هذا كلام إمام الحرمين.

وحاصله أن يقول انفاق الجمع العظيم على الحكم الواحد يستحيل ان لا يكون لدلالة وأمارة فإن كان لدلالة كان الإجماع كاشفا عن ذلك الدليل وحينئذ يجب اتباع الاجماع لأن مخالفته تكون مخالفة لذلك الدليل وإن كان لأمارة فقد رأينا الأولين قاطعين بالمنع عن مخالفة هذا الإجماع فلولا اطلاعهم على قاطع يمنع من مخالفة هذا الإجماع لاستحال اتفاقهم على المنع من مخالفته.

قال الإمام وهذه الدلالة ضعيفة جدا لاحتمال أن يقال أنهم اتفقوا على الحكم لا لدلالة ولا امارة بل الشبهة وكم من المبطلين مع كثرتهم وتفرقهم شرقا وغربا قد اتفقت كلمتهم لأجل الشبهة سلمنا الحصر فلم يجوز أن يكون لإمارة تفيد الظن قوله رأينا السلف مجمعين على المنع من مخالفة هذا الإجماع.

قلنا لا نسلم اتفاق السلف على ذلك سلمناه لكنك لما جاوزت حصول الإجماع لأجل الامارة فلعلهم أجمعوا على المنع من مخالفة الإجماع للصادر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>