ندرجهم بإجماع الأمة أو بدر من بعض طوائف العوام خلاف فلا يطلق القول بإجماع الأمة فإن العوام معظم الأمة وكثيرها بل اجمع علماء الأمة انتهى كلام القاضي.
وكلام الغزالي في المستصغى لا ينافيه فليتأمل وليضبط ذلك فهو مكان حسن ولا ينبغي أن يعتقد أن مخالفة العوام تقادح وموافقهم تفتقر الحجة إليها وكيف ذلك وهم يقولون لا عن دليل فيكون قولهم خطأ.
والخطأ لا يفتقر قيام الحجة إليه وان سبب مسبب بما سلف من أن العصمة إنما تثبت لجموع الأمة قلت فماذا تقول في البله والأطفال أليس هم من الأمة وهذا إلزام لا محيص له عنه هذا في العوام وقد قلنا إن الخلاف فيهم لفظي ويمكن أن يقال ينبني عليه إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد.
فإن قلنا: إن العوام داخلون تبعا فهم داخلون معه فيكون إجماعا وإلا فلا يكون قوله اجماعا لما قدمناه في أول كتاب الإجماع من أن الإجماع لا يصدق إلا من اثنين فصاعدا.
وأما الأصولي الماهر المتصرف في الفقه فذهب القاضي إلى أن خلافه معتبر.
قال الإمام وهو الحق وذهب معظم الأصوليين إلى خلافه لأنه ليس من المفتين ولو وقعت له واقعة للزمه أن يستفتي المفتي فيها واحتج القاضي بأنه من أهل التصرف في الشريعة يستضاء برأيه ويستهدي بنصحه ويحضر مجلس الأشوار وإذا كان كذلك فخلافه يشير إلى وجه من الرأي معتبر وإذا ظهر اعتبار في الخلاف انبنى عليه اعتباره في الوفاق واستبعد امام الحرمين مذهب القاضي وقال إذا أجمع المفتون وسكت المتصرفون فبعد أن يتوقف انعقاد الإجماع على مراجعتهم فإن الذين لا يستقلون بأنفسهم في جواب مسألة ويتعين عليهم تقليد غيرهم من المحال وجوب مراجعتهم وان فرض أنهم أبدوا وجها في التصرف فإن كان سالما فهو محمول على إرشادهم وتهديتهم إلى سواء السبيل.
وإن أبدوا قولهم أبدى من يراع الإجماع فالإنكار يشتد عليهم.
قال والقول المغني في ذلك إنه لا قول لمن لم يبلغ مبلغ المجتهدين وليس بين من يقلد ومن يقلد مرتبة ثالثة.