ثم قال والنظر السديد يتخطى كلام القاضي وعصره ويترقى المتقدم ويفضي إلى مدرك الحق قبل ظهور هذا الخلاف ولتحقيق خالف القاضي إذا وافق أن المجتهدين إذا أطبقوا لم لخلاف يعد المتصرفين مذهبا محتفلا به فإن المذهب لأهل الفتوى فإن ثبت بأن المتصرف الذي ذكره من أهل الفتوى فالقول فيه يشرح في كتاب الفتوى.
والكلام الكافي في ذلك أنه إن كان مقتبسا اعتبر خلافه وأما المبتدع فإن كفرناه ببدعته فلا خلاف في أنه غير داخل في الإجماع لعدم دخوله في مسمى الأمة المشهود لهم بالعصمة وإن لم يعلم هو كفر نفسه وعلى هذا فلو خالف هو في مسألة وبقي مصرا على المخالفة حتى تاب عن بدعته فلا اثر لمخالفته لانعقاد إجماع جميع الأمة الإسلامية قبل إسلامه كما لو أسلم ثم خالف الأعلى رأي من يشترط في الإجماع انقراض المجمعين وإن لم نكفره فالمختار أنه لا ينعقد الإجماع دونه لكونه من أهل الحل والعقد ومن الداخلين في مفهوم لفظ الأمة.
وقيل ينعقد دونه وقيل لا ينعقد عليه بل على غيره فيجوز له مخالفة إجماع من عداه ولا يجوز ذلك لغيره وفيه نظر فإنه إذا تعذر إنعقاد الإجماع من وجه لم ينعقد من وجه وسيأتي إن شاء الله كلام إمام الحرمين فيه وأما أهل الفسقة من أهل القبلة البالغون في العلم مبلغ المجتهدين فذهب معظم الأصوليين كما ذكر امام الحرمين إلى أنه لا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم والمختار خلاف ذلك لأن المعصية لا تزيل اسم الإيمان فيكون قول من عداهم قول بعض المؤمنين لا كلهم فلا يكون حجة.
وهذا ما مال إليه امام الحرمين فقال الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلد غيره بل يلزم أن يتتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده وليس له أن يقلد غيره فكيف ينعقد الإجماع عليه في حقه واجتهاده يخالف اجتهاد من سواه.
قال وإن بعد انعقاد الإجماع من وجه لم ينعقد من وجه قال فإن قيل هو عالم في حق نفسه باجتهاده فيصدق عليه بينه وبين ربه وهو يكذب في حق غيره فلا يمتنع لانقسام أمره على هذا الوجه أن ينقسم حكم الإجماع قلنا هذا