محال فإن الفاسق غير مقطوع بصدقه ولا بكذبه فهو كالعالم في غيبته فإن تاب فهو كما لو أتى الغائب.
وأعلم أن الأولين اختلفوا في تعليل عدم اعتبار قول الفاسق على وجهين:
أحدهما: وعليه يقوم هذا السؤال إن اخباره عن نفسه لا يوثق به لفسقه فربما أخبر بالوفاق وهو مخالف أو بالخلاف وهو موافق فلما تعذر الوصول إلى معرفة قوله سقط أثره.
وشبه بعض المتأخرين ذلك بسقوط أثر قول الخضر عليه السلام على القول بأنه حي لتعذر الوصول إليه.
والثاني: أن العدالة ركن في الاجتهاد كالعلم فإذا فاتت العدالة فأتت أهلية الاجتهاد وهذا فيه نظر إذ أهلية الاجتهاد الذي هو استنباط الأحكام وتصحيح المقاييس وترتيب المقدمات إلى غير ذلك مما لا تعلق لها بالديانة أصلا فإن قلت فهذا يرد عليكم في الكافر فإنه قد يجري على علوم الشرع والاجتهاد لا تعلق له بالديانة قلت الكافر لا يرد فإن الحجة في إجماع المسلمين والفاسق منهم دون الكافر ويتفرع على هذين التعليلين أن الفاسق إذا اداه اجتهاده في مسألة إلى حكم هل يأخذ بقوله من علم صدقه في فتواه بقرائن.
وإذا ثبت اشتراط قول جميع المجتهدين في الاجماع قال صاحب الكتاب فلو خالف واحد لم يكن قول غيره اجماعا لأن قوله سبيل المؤمنين يتناول الكل وليسوا دون الواحد كل المؤمنين هذا مذهب الجمهور.
وقال الإمام الجليل محمد بن جرير وأبو الحسين بن أبي عمر والخياط المعتزلي وأبو بكر الرازي وكذا أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ينعقد اجماع الأكثر مع مخالفة الأقل كذا أطلق النقل عنهم الآمدي وهو قضية إيراد المصنف وخصص الإمام النقل عنهم بالواحد والاثنين قال الآمدي وذهب قوم إلى أن عدد الأقل إن بلغ عدد التواتر لم يعتد بالإجماع دونه وإلا اعتد به قلت وهذا ما ذكر القاضي في مختصر التقريب أنه الذي يصح عن ابن جرير.
وقال أبو عبد الله الجرجاني أن سوغت الجماعة الاجتهاد في مذهب المخالف