للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان خلافه معتدا به وإلا فلا ومنهم من قال اتباع الأكثر أولى ويجوز خلافه وهو مذهب لا تحرير فيه لانا نسلم أنه إذا تعادل الرأيان وكان القائلون بأحدهما أكثر رجح جانب الكثرة وانما الكلام في التحتم ومنهم من قال هو حجة وليس باجماع ورجحه ابن الحاجب فإنه قال لو نذر المخالف مع كثرة المجمعين لم يكن اجماعا قطعا قال والظاهر أنه حجة لبعد أن يكون الراجح متمسك المخالف.

قال صفي الدين الهندي والظاهر أن من قال إنه إجماع فإنما نجعله إجماعا ظنيا لا قطعيا وبه يشعر إيراد بعضهم لنا أن الصحابة اجمعوا على ترك قتال مانعي الزكاة إلا أبو بكر رضي الله عنه ولم يقل أحد أن خلافه غير معتد به بل رجعوا إليه حين المناظر واحتج ابن جرير ورفقته بوجهين ذكرهما في الكتاب.

أحدهما: أن لفظي المؤمنين والأمة يصدق على الأكثر كما يقال على البقرة أنها سوداء وإن كان فيها شعرات بيض وللزنجي أنه أسود مع بياض حدقته وأسنانه.

والجواب: أن صدق إطلاق ألفاظ العموم على الأكثر إنما هو على سبيل المجاز وليس حقيقة لأنه يجوز أن يقال لمن عدا الواحد من الأمة ليسوا كل الأمة ويصح استثناؤه منهم وهذا واضح.

الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالسواد الأعظم أو باتباع السواد الأعظم" ويعم الاكثرين فيكون قولهم حجة.

والجواب أن السواد الأعظم يعم كل الأمة لأن من عدا الكل فالكل الأعظم منه ولو لم يقصد هذا بل ما صدق أنه أعظم من غيره لدخل تحته النصف الزائد بفرد واحد على النصف الآخر وإلى هذا أشار بقوله في الكتاب مخالفة الثلث وهو بضم الثاء واللام أي حمله على ما صدق عليه أنه أعظم يوجب عدم الالتفات إلى ثلث الأمة إذا خالفوا الثلثين وقد قرره الجار بردي والاسفرايني على أن الثاء مفتوحة وأن المراد الثلاث اسم العدد الخاص وان ابن جرير ورفقته يسلمون أن مخالفة الثلاثة قادحة.

وهذا ماش على ما اقتضاه ايراد الإمام كما سبق وما ذكرناه من التقرير أحسن وأسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>