بين ما يظن أن فيه مصلحة وبين ما لا مصلحة فيه ومع ذلك لم يقولوا بوجوب واحد معين وإنما قالوا بوجوب أحدها من غير تعيين لأنه مدلول لفظ الأمر ومدارهم في إثبات الأحكام فإذا نظرنا إلى مجرد ذلك لم يكن فرق في المعنى بين مذهب أصحابنا ومذهب المعتزلة وبذلك صرح طوائف منا ومنهم وتبعهم المصنف وإذا دققنا البحث وقررنا ما قدمناه من الفرق بين أن يراد مع القدر المشترك الخصوصيات أولا أمكن أن يقال في خصال الكفارة احتمالان:
أحدهما: أن يكون الواجب القدر المشترك بين الخصال.
والثاني: أن يكون كل خصلة واجبة على تقدير ألا نفضل عنها وكل من الاحتمالين يمكن أن يقرر على مذهبنا ومذهبهم والأقرب إلى الكلام الفقهاء الثاني وبه يفترق الحال بينه وبين إعتاق رقبة فإن الثابت فيه الأول لا غير وقول المصنف فلا خلاف في المعنى قد علمت أنه يمكن تمشيته ويمكن التوقف فيه لظهور معنيين يمكن أن يذهب إلى كل منهما ذاهب والأوفق بقواعد المعتزلة الأول وهو تعلق الوجوب بالقدر المشترك لا غير حتى يكون هو الموصوف بالحسن وبقواعدنا يصح ذلك وغيره وهو الأقرب إلى كلام الفقهاء وهو المختار وإن يكن بين المعنيين تباعد لكن يظهر أثره في أمور منها أنه إذا فعل خصلة يقال على ما اخترناه إنها الواجب وأما على المعنى الآخر فينبغي أن يقال إن الواجب تأدى بها لا أنها هي الواجب.
وقوله: قيل الواجب معين عند الله دون الناس هو قول ترويه المعتزلة عن أصحابنا ويرويه أصحابنا عن المعتزلة واتفق الفريقان على فساده وعندي أنه لم يقل به قائل وإنما المعتزلة تضمن ردهم علينا ومبالغتهم في تقرير تعلق الوجوب بالجميع ذلك فصار معنى يرد عليه وأما رواية أصحابنا عن المعتزلة فلا وجه له لمنافاته قواعدهم.
وقوله: رد بأن التعيين يحيل ترك الواحد أي لأن الواجب لا يجوز تركه والتخيير يجوزه أي يجوز الترك ضرورة فلازم التعيين ولازم التخيير لا يجتمعان فالملزومان وهما التعيين والتخيير لا يجتمعان لأنهما لو اجتمعا لاجتمع لازمهما لأنه