للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: متعلق بالخصوصيات فلذلك وقع الخلاف فيه وأجمعت الأمة على إطلاق الواجب المخير عليه ولا منافاة بين ما قلناه وما حكيناه عن بعض المتأخرين من تعلق الوجوب بالقدر المشترك لكن ما قلناه زيادة وهي تبيين أن ذلك القدر المشترك أخص منظور فيه إلى الخصوصيات وقول المصنف من أمور معينة إنما قيد بقوله معينة لأنها إذا كانت غير معينة فإما أن يقع التكليف بالقدر المشترك بينها من غير نظر إلى الخصوصيات فذلك لا يسمى إيهاما بل هو كالإعتاق على ما سبق وليس كلامنا فيه وإما أن ينظر إلى الخصوصيات كما ذكرناه في غير الإبهام فيستحيل لعدم العلم بها ونحن مرادنا هنا بالمعينة المعلومة المتميزة فلذلك قيد بقوله المعينة ليبين صورة المسألة وخصال الكفارة يعني كفارة اليمين وهي الإعتاق والإطعام والكسوة فإنها يخير فيها وكذا ما هو على التخيير من كفارات الحج وقوله ونصب أحد المستعدين للامامة يعني إن خلا الوقت عن إمام وهناك جماعة يجب نصب واحد وكذا قال غيره وهو صحيح إلا أنه من القسم الأول الذي قلنا إن الوجوب فيه متعلق بالقدر المشترك من غير نظر إلى الخصوصيات كاعتاق رقبة فينبغي ألا يمثل به وجماعة من أصحابنا ومن المعتزلة ذكروا أمثلة من الواجب المخير بين القسمين جميعا والصواب ما قدمته نعم في أهل الشورى الذي جعل عمر رضي الله عنه الأمر فيهم ونحوه يتعلق الأمر بأعيانهم فيحسن أن يكون مثالا للواجب المخير وقول المعتزلة إن الكل واجب على المعنى المذكور مأخذهم فيه أن الحكم يتبع الحسن والقبح فإيجاب شيء يتبع لحسنه الخاص به فلو كان واحد من الثلاثة واجبا والاثنان غير واجبين لخلا اثنان عن المقتضى للوجوب فلا بد أن يكون كل واحد لخصوصه مشتملا على صفة تقتضي وجوبه وكل منهما يقوم مقام الآخر فيوصف كل منهما بالوجوب والتخيير معا.

وتحقيق هذا الكلام إنما ينتج أن المشتمل على الحسن المقتضي للوجوب هو أحدها لا خصوص كل منها فلذلك كان معنى كلامهم إيجاب أحدها على الإبهام وإنما قصدوا الفرار من لفظ يوهم أن بعضها واجب وبعضها ليس بواجب وأنه لا يخير بين الواجب وبين غيره وأصحابنا لا يراعوان الحسن والقبح ويجوزون التخيير

<<  <  ج: ص:  >  >>