وأكثر الأشاعرة أنها المعرف للحكم وقد يقال العلامة والإمارة واعترض على هذا بأن المستنبطة لم تعرف إلا من الحكم لأن معرفة كونها علة للحكم تتوقف على معرفة الحكم ضرورة فلو عرف الحكم لها لتوقف العالم بالحكم عليها وهو دور وإنما قيدنا السؤال بالمستنبطة لعدم توقف معرفة العلة المنصوصة على معرفة الحكم لكونها معروفة من النص وأجاب بأن تعريف الحكم للعلة بالنسبة إلى الأصل وتعريف العلة للحكم بالنسبة إلى الفرع فلا دور لاختلاف المحل وقضية هذا القول أن تكون العلة عبارة عن معرف حكم الفرع فقط ولا فدخل لها في تعريف حكم الأصل لكونه حينئذ معلوما بالنص أو دليل آخر وبهذا اعترض عليه صفي الدين الهندي
وقال يخدشه ما هو المشهور من قول أصحابنا من أن حكم الأصل معلل بالعلة المشتركة بينها وبين الفرع مع كونه على هذا القول غير معرف بها والمذهب الثاني أنها الموجب لا لذاته بل يجعل الشارع إياه موجبا للأحكام وهو رأي الغزالي
وقال صفي الدين الهندي هو قريب لا بأس به والثالث وهو قول المعتزلة أنها المؤثر في الحكم بذاته وهو باطل لأنه مبني على التحسين والتقبيح ولأن الحكم قديم والوصف حادث فيستحيل تعليله به والرابع واختاره الآمدي وابن الحاجب أنها الباعث أي مشتملة على حكمة صالحة أن تكون مقصودة للشارع من شرع الحكم وهو ضعيف لاستحالته في حق الله تعالى لأن من فعل فعلا لغرض فلا بد وأن يكون حصول ذلك الغرض بالنسبة إليه أولى من لا حصوله وإلا لم يكن غرضا وإذ كان حصول الغرض أولى وكان حصول تلك الأولوية متوقفا على فعل ذلك الفعل كان حصول تلك الأولوية لله تعالى متوقفة على الغير فتكون ممكنة غير واجبة لذاته ضرورة توقفها على الغير فيكون كماله تعالى ممكنا غير واجب لذاته وهو باطل لا يقال حصول ذلك الغرض ولا حصوله وإن كان مستويا بالنسبة إليه فمتفاوت بالنسبة إلى غيره لأن حصوله لهم أولى فيفعله تعالى لا لغرضه بل لغرضهم وحينئذ لا يلزم منه استكمال ذاته تعالى