للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصفة ممكنة لأنا نقول فعله لذلك الفعل لتحصيل غرضهم إن كان أولى من لا فعله جاء حديث الاستكمال وإن لم يكن فتحصيل الغرض إن كان لتحصيل غرض آخر لهم كان الكلام فيه كالأول وتسلسل وإن لم يكن لغرض آخر لهم مع أنه ليس فيه أولوية استحال أن يكون غرضا

وقد نجز من القول في هذه المسألة ما لا يحتمل هذا الشرح أطول منه وبقي سؤال يورد الشيوخ وهو أن المشتهر عن المتكلمين أن أحكام الله تعالى لا تعلل واشتهر عن الفقهاء التعليل وأن العلة بمعنى الباعث وتوهم كثير منهم منها أنها باعثة للشرع على الحكم كما هو مذهب قد بينا بطلانه فيتناقض كلام الفقهاء وكلام المتكلمين وما زال الشيخ الإمام الوالد والدي رحمه الله أطال الله عمره يستشكل الجمع بين كلاميهما إلى أن جاء ببديع من القول فقال في مختصر لطيف كتبه على هذا السؤال وسماه ورد العلل في فهم العلل لا تناقض بين الكلامين لأن المراد أن العلة باعثة على فعل المكلف مثاله حفظ النفوس فإنه علة باعثة على القصاص الذي هو المكلف المحكوم به من جهة الشرع فحكم الشرع لا علة له ولا باعث عليه لأنه قادر أن يحفظ النفوس بدون ذلك وإنما تعلق أمره بحفظ النفوس وهو مقصود في نفسه وبالقصاص لكونه وسيلة إليه فكلا المقصد والوسيلة مقصود للشارع وأجرى الله تعالى العادة أن القصاص سبب للحفظ فإذا فعل المكلف من السلطان والقاضي وولي الدم القصاص وانقاد إليه القاتل امتثالا لأمر الله به ووسيلة إلى حفظ النفوس كان لهم أجران أجر على القصاص وأجر على حفظ النفوس وكلاهما مأمور به من جهة الله تعالى

أحدهما بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ١}

والثاني إما بالاستنباط وأما بالإيماء في قوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ٢} وهكذا يستعمل ذلك في جميع الشريعة ومن هنا يتبين أن كل


١ سورة البقرة "١٧٨"
٢ سورة البقرة """١٧٩"

<<  <  ج: ص:  >  >>