والثاني باطل لأن الفرق ملغى فوجب أن يكون محله المشترك ويلزم ثبوت الحكم في الفرع ضرورة حصوله في الأصل وذلك لأنه لا يلزم من وجود المحل وجود الحال فيه ومثاله قول الحنفي وجوب كفارة الإفطار له محل وهو إما المفطر بالوقائع بخصوص الوقاع أو المفطر لا بخصوص الوقاع
والأول باطل لأن خصوص الوقاع ملغى كخصوص القتل بالسيف في وجوب القصاص فتعين الثاني فتجب الكفارة على من أفطر بالأكل فنقول سلمنا أن المفطر بالأكل يصدق عليه أنه مفطر لكن لا يلزم من ثبوت الحكم في المفطر ثبوته في كل مفطر وهذا كما أنه إذا صدق هذا الرجل طويل يصدق الرجل الطويل ضرورة كون الرجل جزء من هذا الرجل واستلزام حصول المركب حصول المفرد ولا يلزم منه صدق كل رجل طويل
فائدة قد اقتصر المصنف على ذكر تنقيح المناط دون تحقيق المناط وتخريج المناط ونحن لا نطيب قلبا بإخلاء هذا الشرح عن الكلام فيهما ليحصل التفرقة بينهما وبين تنقيح المناط فنقول أما تنقيح المناط فقد عرفت أنه الاجتهاد في تعيين السبب الذي ناط التنازع الحكم به وأضافه إليه ونصبه علامة عليه بحذف غيره من الأوصاف عن درجة الاعتبار وأما تحقيق المناط فهو أن يتفق على علية وصف بعض إجماع ويجتهد في وجودها في صورة النزاع كالاجتهاد في تعيين الإمام بعد ما علم من إيجاب نصب الإمام وكذا تعيين القضاة والولاة وكذا في تقدير التعزيزات وتقدير الكفاية في نفقة القريب
وإيجاب المثل في قيم المتلفات وأروش الجنايات وطلب المثل في جزاء الصيد فإن مناط الحكم في نفقة القريب الكفاية وذلك معلوم بالنص إما أن الرطل كفاية لهذا الشخص أم لا فيدرك بقول المقومين وهو مبنى على الظن والتخمين وينتظم هذا الاجتهاد بأصلين
أحدهما أنه لا بد من الكفاية
والثاني أن الرطل قدر الكفاية فيلزم منه أنه الواجب أما الأصل الأول فمعلوم بالنص والإجماع