تعين له لا وجود له في نفسه ما لا وجود له لا يصلح أن يكون علة أو بمجموعها وهو كذلك لأنه حينئذ تكون كل واحدة منها جزءا لعلة وليس كلامنا فيه فيتعين أن يعلل الحكم بكل واحدة منها لا يقال نمنع وجود العلل دفعة واحدة ونقول فيما إذا ترتيب الحكم معلل بالسابق منها وشيء من تلك المفاسد المذكورة غير لازم حينئذ لأنا نقول منع وجودها مكابر ة إذ نحن على قطع أنه لا منافاة بين تلك الأمور فيصح اجتماعها ووجودها دفعة واحدة إذ يمكن صدور الزنا والردة من واحد من واحد والعياذ بالله في ساعة واحدة
فنقول قاربت الإصابة بالتقرير على هذا الوجه ولكنا لا نسلم بعد ذلك أن الحكم هناك حكم واحد بل أحكام كثيرة فإن الإباحة الحاصلة بالقتل غير الحاصلة بالردة والدليل عليه وجهان
الأول أن الرجل إذا عاد إلى الإسلام زالت الإباحة الحاصلة بسبب الردة وبقيت الإباحة الحاصلة بالقتل والزنا
والثاني أن القتل المستحق بالقتل يجوز لولي الدم العفو عنه والمستحق الردة لا يتمكن الولي من إسقاطه فدل على تغاير الحكمين وهذا لمنع الذي ذكرناه هو الذي اعتمد عليه إمام الحرمين في رد هذه الحجة وهو عندنا منع صحيح
وإن كان القاضي في مختصر التقريب والإشاد قال إنه هذيان يدني قائله من جحد الحقائق ونحن نذكر ما رد به ونزيفه بعد ذلك وأجمع كلام في الرد عليه كلام الإمام فقال الدليل على أن الحكم واحد أن إبطال حياة الشخص الواحد أمر واحد فهو إما أن يكون ممنوعا منه من جهة الشرع بوجه فهو الحرمة أو لا فهو الحد
وإن كانت الحياة واحدة كانت إزالتها واحدة فكان الإذن في تلك الإزالة واحدا فإن قلت الفعل الواحد كونه حلالا من وجه حراما من آخر وحينئذ يجوز أن يتعدد حكم الحد لتعدد جهاته فيكون الشخص الواحد مباح الدم من حيث أنه مرتد وأنه زان وأنه قاتل