قلت حرمة الشيء من وجه وحله من آخر معقول لأن الحل هو تمكين الشرع من الفعل ولا يتحقق هذا المعنى إذا لم يكن فيه وجه يقتضي المنع أصلا بل ليس من شرط الحرمة أن يكون حراما من جميع جهاته لأن الظلم حرام مع أن كونه حادثا وعرضا وحركة لا يقتضي الحرمة وحينئذ نقول حل الدم على هذا الوجه يستحيل أن يتعدد والعلم بذلك ضروري هذا ما ذكره الإمام
وقد اعترض النقشواني على قوله إبطال حياة الشخص الواحد أمر واحد بالمنع
وفيه نظر ثم بعد التسليم بأنك لم قلت أن ما يكون طريقا إلى الشيء يجب أن يكون واحدا لأن الحكم الذي كلامنا فيه ليس نفي إبطال حياة الشخص بل الطريق إليه ألا ترى أن حياة الشخص الواحد يمكن إبطالها بضرب عنقه وقده نصفين وأمور لا تعد فيما نحن فيه لم ادعيت أنه ليس كذلك فإن إباحة القتل بالردة هو طريق واحد إلى إبطال الحياة وحكمه أن يقتله الإمام ما لم يتب وليس له إسقاطه وإباحته بالقصاص أن يتمكن الولي من قتله بمثل الطريق التي صدرت عنه أو بالسيف وله العفو وإباحته بالزنا أن يرجم ولا يتبع إذا هرب ولا يسقط فهذه طرق مختلفة غير أنها اشتركت في أمر واحد وذلك لا يوجد اجتماع العلل على حكم واحد وأيضا عصمة دم المرء حكم شرعي وهو مشروط بأمور منها الإسلام ويضاده الكفر ومنها العفة ويضادها الزنا ومنها العدل ويضاده القتل ظلما ويختل كل واحد منها بواحد من هذه الأفعال
وكما قال إمام الحرمين لن يقدم الانس بالفقه استمكانا من تقدير التعدد في الموجبات بوجوه ترشد إلى التغاير والاختلاف ونظير هذا في الأمور العقلية إن حياة الشخص الواحد مشروطة بشروط منها بقاء الأعضاء الرئيسية على أمزجتها المعينة ومنها اتصال بعضها ببعض وغير ذلك وكل ما يحصل في البدن مبطلا لواحد من هذه الشروط تصير سببا لإبطال الحياة ولا جرم إن تعددت أسباب إبطال الحياة فإذا فرضنا اجتماع عدة منها لا نقول إن العلل الكثيرة تواردت على معلول واحد وإذا فرضنا دفعة واحدة حز رقبة شخص وقده بنصفين من شخصين معا لا يقال اجتمع هاتان العلتان على معلول واحد إذ