للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَشْيَاخِي يَقُولُ فِيهَا أَلْفُ أَمْرٍ وَأَلْفُ نَهْيٍ وَأَلْفُ حُكْمٍ وَأَلْفُ خَبَرٍ وَلِعَظِيمِ فِقْهِهَا أَقَامَ ابْنُ عُمَرَ ثَمَانِيَ سِنِينَ عَلَى تَعْلِيمِهَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا إِنَّمَا صَارَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ أَعْظَمَ الْآيَاتِ لِعَظَمِ مُقْتَضَاهَا فَإِنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يَشْرُفُ بِشَرَفِ ذَاتِهِ وَمُقْتَضَاهُ وَتَعَلُّقَاتِهِ وَهِيَ فِي آيِ الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ فِي سُوَرِهِ إِلَّا أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ تَفْضُلُهَا بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا سُورَةٌ وَهَذِهِ آيَةٌ وَالسُّورَةُ أَعْظَمُ لِأَنَّهُ وَقَعَ التَّحَدِّي بِهَا فَهِيَ أَفْضَلُ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي لَمْ يُتَحَدَّ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ اقْتَضَتِ التَّوْحِيدَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَآيَةُ الكرسي اقتضت فِي خَمْسِينَ حَرْفًا، فَظَهَرَتِ الْقُدْرَةُ فِي الْإِعْجَازِ بِوَضْعِ مَعْنًى مُعَبَّرٍ عَنْهُ بِخَمْسِينَ حَرْفًا، ثُمَّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَذَلِكَ بَيَانٌ لِعَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَالِانْفِرَادِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: اشْتَمَلَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرًا فِي بَعْضِهَا وَمُسْتَكِنًّا فِي بَعْضٍ وَهِيَ: اللَّهُ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ضَمِيرُ {تَأْخُذُهُ} "وله" و"عنده" و"بإذنه" و"يعلم" و"علمه" و"شاء" و"كرسيه" و"يؤده" ضَمِيرُ "حِفْظُهُمَا" الْمُسْتَتِرُ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرُ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وإن عددت الضمائر المحتملة فِي الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وَالضَّمِيرُ الْمُقَدَّرُ قَبْلَ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِ الْأَعَارِيبِ صَارَتِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إِنَّمَا كَانَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ سَيِّدَةَ الْآيَاتِ، لِأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>