ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَقَطْ، لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَمَعْرِفَةُ ذلك هي المقصد الْأَقْصَى فِي الْعُلُومِ. وَمَا عَدَاهُ تَابِعٌ لَهُ وَالسَّيِّدُ اسْمٌ لِلْمَتْبُوعِ الْمُقَدَّمِ فَقَوْلُهُ: "اللَّهُ" إِشَارَةٌ إِلَى الذَّاتِ "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" إِشَارَةٌ إِلَى تَوْحِيدِ الذَّاتِ "الْحَيُّ الْقَيُّومُ" إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الذَّاتِ وَجَلَالِهِ فَإِنَّ مَعْنَى "الْقَيُّومِ" الَّذِي يَقُومُ بِنَفْسِهِ، وَيَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ وَذَلِكَ غَايَةُ الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} تَنْزِيهٌ وَتَقْدِيسٌ لَهُ عَمَّا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْ أَوْصَافِ الْحَوَادِثِ، وَالتَّقْدِيسُ عَمَّا يَسْتَحِيلُ أَحَدُ أَقْسَامِ الْمَعْرِفَةِ {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} إِشَارَةٌ إِلَى الْأَفْعَالِ كُلِّهَا وَأَنْ جَمِيعَهَا مِنْهُ وَإِلَيْهِ {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} إِشَارَةٌ إِلَى انْفِرَادِهِ بِالْمُلْكِ وَالْحُكْمِ والأمر، وَأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا يَمْلِكُهَا بِتَشْرِيفِهِ إِيَّاهُ وَالْإِذْنِ فِيهَا، وَهَذَا نَفْيُ الشَّرِكَةِ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {شَاءَ} إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْعِلْمِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِ الْمَعْلُومَاتِ وَالِانْفِرَادِ بِالْعِلْمِ، حَتَّى لَا عِلْمَ لِغَيْرِهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ وَوَهَبَهُ، عَلَى قَدْرِ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} إِشَارَةٌ إِلَى عَظَمَةِ مُلْكِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} إِشَارَةٌ إِلَى صِفَةِ الْقُدْرَةِ وَكَمَالِهَا وَتَنْزِيهِهَا عَنِ الضَّعْفِ وَالنُّقْصَانِ {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} إِشَارَةٌ إِلَى أَصْلَيْنِ عَظِيمَيْنِ فِي الصِّفَاتِ.
فَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ ثُمَّ تَلَوْتَ جَمِيعَ آيِ الْقُرْآنِ لَمْ تَجِدْ جُمْلَتَهَا مَجْمُوعَةً فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ فإن شهد الله لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ وَالتَّقْدِيسُ وَ {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْأَفْعَالُ وَالْفَاتِحَةُ فِيهَا الثَّلَاثَةُ لَكِنْ غَيْرُ مَشْرُوحَةٍ بَلْ مَرْمُوزَةٌ وَالثَّلَاثَةُ مَجْمُوعَةٌ مَشْرُوحَةٌ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالَّذِي يَقْرُبُ مِنْهَا فِي جَمْعِهَا آخِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute