كَلَامُ هَؤُلَاءِ صِرْفًا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ مِثْلَ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرازق والفريابي ووكيع وعبد وَإِسْحَاقَ وَأَمْثَالِهِمْ أَحَدِهِمَا قَوْمٌ اعْتَقَدُوا مَعَانِي ثُمَّ أَرَادُوا حَمْلَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يُسَوِّغُ أَنْ يُرِيدَهُ مَنْ كَانَ مِنَ النَّاطِقِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى الْمُتَكَلَّمِ بِالْقُرْآنِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبِ بِهِ فَالْأَوَّلُونَ رَاعَوُا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنَ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ وَالْآخَرُونَ رَاعَوْا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ وَمَا يَجُوزُ أَنْ يريد بِهِ الْعَرَبِيُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى مَا يَصْلُحُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَسِيَاقِ الْكَلَامِ ثُمَّ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي اللُّغَةِ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلِينَ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الْقُرْآنَ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الْآخِرُونَ وَإِنْ كَانَ نَظَرُ الْأَوَّلِينَ إِلَى الْمَعْنَى أَسْبَقَ وَنَظَرُ الْآخَرِينَ إِلَى اللَّفْظِ أَسْبَقَ وَالْأَوَّلُونَ صِنْفَانِ تَارَةً يَسْلُبُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَأُرِيدَ بِهِ وَتَارَةً يَحْمِلُونَهُ عَلَى مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَدْ بِهِ وَفِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ يكون مَا قَصَدُوا نَفْيَهُ أَوْ إِثْبَاتَهُ مِنَ الْمَعْنَى باطلا فيكون خطرهم فِي الدَّلِيلِ وَالْمَدْلُولِ وَقَدْ يَكُونُ حَقًّا فَيَكُونُ خَطَؤُهُمْ فِي الدَّلِيلِ لَا فِي الْمَدْلُولِ فَالَّذِينَ أَخْطَئُوا فِيهِمَا مِثْلَ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ اعْتَقَدُوا مَذَاهِبَ بَاطِلَةً وَعَمَدُوا إِلَى الْقُرْآنِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى رَأْيِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ سَلَفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَا فِي رَأْيِهِمْ وَلَا فِي تَفْسِيرِهِمْ وَقَدْ صَنَّفُوا تَفَاسِيرَ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِهِمْ مِثْلَ تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَيْسَانَ الْأَصَمِّ وَالْجِبَائِيِّ وَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَالرُّمَّانِيِّ وَالزَّمَخْشَرِيِّ وَأَمْثَالِهِمْ
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَكُونُ حَسَنَ الْعِبَارَةِ يَدُسُّ الْبِدَعَ فِي كَلَامِهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ كَصَاحِبِ الْكَشَّافِ وَنَحْوِهِ حَتَّى إِنَّهُ يَرُوجُ عَلَى خَلْقِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ كَثِيرٌ مِنْ تَفَاسِيرِهِمُ الْبَاطِلَةِ وَتَفْسِيرُ ابْنِ عَطِيَّةَ وَأَمْثَالِهِ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ، وَأَسْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute