للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْبِدْعَةِ وَلَوْ ذَكَرَ كَلَامَ السَّلَفِ الْمَأْثُورِ عَنْهُمْ عَلَى وَجْهِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَنْقُلُ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّفَاسِيرِ وَأَعْظَمِهَا قَدْرًا ثُمَّ إِنَّهُ يَدَعُ مَا يَنْقُلُهُ عَنِ السَّلَفِ وَيَذْكُرُ مَا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِمْ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ قَرَّرُوا أُصُولَهُمْ بِطُرُقٍ مَنْ جِنْسِ مَا قَرَّرَتْ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ أُصُولَهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَى السُّنَّةِ مَنِ الْمُعْتَزِلَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةَ إِذَا كَانَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ تَفْسِيرٌ وَجَاءَ قَوْمٌ فَسَّرُوا الْآيَةَ بِقَوْلٍ آخَرَ لِأَجْلِ مَذْهَبٍ اعْتَقَدُوهُ وَذَلِكَ الْمَذْهَبُ لَيْسَ مِنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ صَارَ مُشَارِكًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي مِثْلِ هَذَا وَفِي الْجُمْلَةِ مَنْ عَدَلَ عَنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَفْسِيرِهِمْ إِلَى مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ بَلْ مُبْتَدِعًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِتَفْسِيرِهِ وَمَعَانِيهِ كَمَا أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَأَمَّا الَّذِينَ أَخْطَئُوا فِي الدَّلِيلِ لا الْمَدْلُولِ فَمِثْلُ كَثِيرٍ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَالْوُعَّاظِ وَالْفُقَهَاءِ يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِمَعَانٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِهَا لَكِنَّ الْقُرْآنَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِثْلَ كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرَهُ السُّلَمِيُّ فِي الْحَقَائِقِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مَعَانٍ بَاطِلَةٌ دَخَلَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَةَ مُلَخَّصًا وَهُوَ نَفِيسٌ جدا.

فصل في أمهات مآخذ التفسير

وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي البُّرْهَانِ لِلنَّاظِرِ فِي الْقُرْآنِ لِطَلَبِ التَّفْسِيرِ مَآخِذُ كَثِيرَةٌ أُمَّهَاتُهَا أَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: النَّقْلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا هُوَ الطِّرَازُ الْمُعَلِّمُ لَكِنْ يَجِبُ الْحَذِرُ مِنَ الضَّعِيفِ مِنْهُ وَالْمَوْضُوعِ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: ثَلَاثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>