للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلٌّ بِرَأْيِهِ عَلَى مُنْتَهَى نَظَرِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ، وَقَالَ: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ،وَقَالَ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}

فَأَضَافَ الْبَيَانَ إِلَيْهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ، فَأَصَابَ فَقَدْ أخطأ"، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وَقَالَ: "مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: هَذَا إِنْ صح، فإن ما أَرَادَ –وَاللَّهُ أَعْلَمُ – الرَّأْيَ الَّذِي يَغْلِبُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَامَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِي يَسْنِدُهُ بُرْهَانٌ، فَالْقَوْلُ بِهِ جَائِزٌ.

وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ، وَإِنْ صَحَّ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ: فَقَدْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ فسبيله أن يرجع في تفسيره أَلْفَاظِهِ إِلَى أَهْلِ اللُّغَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَسَبَبِ نُزُولِهِ وَمَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى بَيَانِهِ إِلَى أَخْبَارِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَاهَدُوا تَنْزِيلَهُ وَأَدَّوْا إِلَيْنَا مِنَ السُّنَنِ مَا يَكُونُ بَيَانًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}

فما ورد بيانه عن صَاحِبِ الشَّرْعِ فَفِيهِ كِفَايَةٌ عَنْ فِكْرَةٍ مِنْ بَعْدِهِ وَمَا لَمْ يَرِدْ عَنْهُ بَيَانُهُ فَفِيهِ حِينَئِذٍ فِكْرَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَهُ لِيَسْتَدِلُّوا بِمَا وَرَدَ بَيَانُهُ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ

قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ: مَنْ قَالَ فِيهِ بِرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِأُصُولِ الْعِلْمِ وَفُرُوعِهِ فَيَكُونُ مُوَافَقَتُهُ لِلصَّوَابِ إِنْ وَافَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرَ مَحْمُودَةٍ

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ حَمَلَ بَعْضُ الْمُتَوَرِّعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>