الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِكُلِّ آيَةٍ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ"
وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا: "الْقُرْآنُ تَحْتَ الْعَرْشِ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ يُحَاجُّ الْعِبَادَ"
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمْ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْهُ حَرْفٌ إِلَّا لَهُ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ"
قُلْتُ: أَمَّا الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ فَفِي مَعْنَاهُ أَوْجُهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّكَ إِذَا بَحَثْتَ عَنْ بَاطِنِهَا وَقِسْتَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَفْتَ عَلَى مَعْنَاهَا
وَالثَّانِي: أَنَّ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ وَلَهَا قَوْمٌ سَيَعْمَلُونَ بِهَا كَمَا قال ابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
الثَّالِثُ: أَنَّ ظَاهِرَهَا لَفْظُهَا وَبَاطِنَهَا تَأْوِيلُهَا
الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ- وَهُوَ أَشْبَهُهَا بِالصَّوَابِ: إِنَّ الْقِصَصَ الَّتِي قَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَمَا عَاقَبَهُمْ بِهِ ظَاهِرُهَا الْإِخْبَارُ بِهَلَاكِ الْأَوَّلِينَ إِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ حَدَّثَ بِهِ، عَنْ قَوْمِ، وَبَاطِنُهَا وَعْظُ الْآخَرِينَ وَتَحْذِيرُهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِمْ فَيَحِلُّ بِهِمْ مِثْلَ مَا حَلَّ بِهِمْ
وَحَكَى ابْنُ النَّقِيبِ قَوْلًا خَامِسًا: أَنَّ ظَهْرَهَا مَا ظَهَرَ مِنْ مَعَانِيهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالظَّاهِرِ وَبَطْنَهَا مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَرْبَابَ الْحَقَائِقِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ" أَيْ مُنْتَهًى، فِيمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ مَعْنَاهُ وَقِيلَ: لِكُلِّ حُكْمٍ مِقْدَارٌ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ" لِكُلِّ غَامِضٍ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ مَطْلَعٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَيُوقَفُ عَلَى الْمُرَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute