للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ وَقِيلَ: كُلُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ الْمُجَازَاةِ،

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ التِّلَاوَةُ وَالْبَاطِنُ الْفَهْمُ، وَالْحَدُّ أَحْكَامُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْمَطْلَعُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْوَعْدِ والوعيد

قُلْتُ: يُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ الْقُرْآنَ ذُو شُجُونٍ وَفُنُونٍ وَظُهُورٍ وَبُطُونٍ لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلَا تُبْلَغُ غَايَتُهُ فَمَنْ أَوْغَلَ فِيهِ بِرِفْقٍ نَجَا وَمَنْ أَوْغَلَ فِيهِ بِعُنْفٍ هَوَى أَخْبَارٌ وَأَمْثَالٌ وَحَلَالٌ وَحَرَامٌ وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ وَظَهْرٌ وَبَطْنٌ فَظَهْرُهُ التِّلَاوَةُ وَبَطْنُهُ التَّأْوِيلُ فَجَالِسُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَجَانِبُوا بِهِ السُّفَهَاءَ

وَقَالَ ابْنُ سَبُعٍ فِي شِفَاءِ الصُّدُورِ: وَرَدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَفْقُهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فَلْيُثَوِّرَ الْقُرْآنَ

قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَفْسِيرِ الظَّاهِرِ

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لِكُلِّ آيَةٍ سِتُّونَ أَلْفَ فَهْمٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ في فَهْمَ مَعَانِي الْقُرْآنِ مَجَالًا رُحْبًا وَمُتَّسَعًا بَالِغًا وَأَنَّ الْمَنْقُولَ مِنْ ظاهر التفسير وليس يَنْتَهِي الْإِدْرَاكُ فِيهِ بِالنَّقْلِ وَالسَّمَاعَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ التَّفْسِيرِ لِيَتَّقِيَ بِهِ مَوَاضِعَ الْغَلَطِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَّسِعُ الْفَهْمُ وَالِاسْتِنْبَاطُ وَلَا يَجُوزُ التَّهَاوُنُ فِي حِفْظِ التَّفْسِيرِ الظَّاهِرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ أَوَّلًا إِذْ لَا يَطْمَعُ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْبَاطِنِ قَبْلَ إِحْكَامِ الظَّاهِرِ وَمَنِ ادَّعَى فَهْمَ أَسْرَارِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَحْكُمِ التَّفْسِيرَ الظَّاهِرَ فَهُوَ كَمَنِ ادَّعَى الْبُلُوغَ إِلَى صَدْرِ الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الْبَابَ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>