قَالَ الْكَوَاشِيُّ: فِي الْآيَةِ الْأَوْلَى الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ أَبْلَغُ مِنَ الْخَبَرِ لِتَضَمُّنِهِ اللُّزُومَ نَحْوُ: "إِنْ زُرْتَنَا فَلْنُكْرِمْكَ" يُرِيدُونَ تَأْكِيدَ إِيجَابِ الْإِكْرَامِ عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِيجَابِ فَشُبِّهَ الخبر به في إيجابه.
منها: وَضَعُ النِّدَاءِ مَوْضِعَ التَّعَجُّبِ نَحْوُ: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} قال الفراء: معناه فيالها حَسْرَةً وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: هَذِهِ مِنْ أَصْعَبِ مَسْأَلَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الْحَسْرَةَ لَا تُنَادَى وَإِنَّمَا يُنَادَى الْأَشْخَاصُ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ التَّنْبِيهُ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعَجُّبِ.
وَمِنْهَا وَضْعُ جَمْعِ الْقِلَّةَ مَوْضِعَ الْكَثْرَةِ، نَحْوُ: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} وَغُرَفُ الْجَنَّةِ لَا تُحْصَى، {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وَرُتَبُ النَّاسِ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنَ الْعَشَرَةِ لَا مَحَالَةَ، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ} {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} وَنُكْتَةُ التَّقْلِيلِ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ التَّسْهِيلُ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ
وَعَكْسُهُ نَحْوُ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}
وَمِنْهَا تَذْكِيرُ الْمُؤَنَّثِ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِمُذَكَّرٍ، نَحْوُ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ} أَيْ وُعِظَ {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً} عَلَى تَأْوِيلِ الْبَلْدَةِ بِالْمَكَانِ {فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي} أَيِ الشَّمْسُ أَوِ الطَّالِعُ {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذُكِرَتْ عَلَى مَعْنَى الْإِحْسَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute