وَقَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي قَوْلِهِ: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} : إِنَّ الْإِشَارَةَ لِلرَّحْمَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ "وَلِتِلْكَ" لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي تَأْوِيلِ "أَنْ يَرْحَمَ"
وَمِنْهَا تَأْنِيثُ الْمُذَكَّرِ نَحْوُ: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا} أَنَّثَ الْفِرْدَوْسَ وَهُوَ مُذَكَّرٌ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى الْجَنَّةِ {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} أنت "عَشْرًا" حَيْثُ حَذَفَ الْهَاءَ مَعَ إِضَافَتِهَا إِلَى "الْأَمْثَالِ" وَوَاحِدُهَا مُذَكِّرٌ فَقِيلَ لِإِضَافَةِ الْأَمْثَالِ إِلَى مُؤَنَّثٍ وَهُوَ ضَمِيرُ الْحَسَنَاتِ فَاكْتَسَبَ مِنْهُ التَّأْنِيثَ وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ "الْأَمْثَالَ" فِي الْمَعْنَى مُؤَنَّثَةٌ لِأَنَّ مِثْلَ الْحَسَنَةِ حَسَنَةٌ وَالتَّقْدِيرُ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالُهُا وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْقَوَاعِدِ الْمُهِمَّةِ قَاعِدَةً فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ
وَمِنْهَا التَّغْلِيبُ وَهُوَ إِعْطَاءُ الشَّيْءِ حُكْمَ غَيْرِهِ: وَقِيلَ تَرْجِيحُ أَحَدِ المعلومين عَلَى الْآخَرِ وَإِطْلَاقُ لَفْظِهِ عَلَيْهِمَا إِجْرَاءً لِلْمُخْتَلِفِينَ مَجْرَى الْمُتَّفِقِينَ، نَحْوُ: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} {إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} وَالْأَصْلُ "مِنَ الْقَانِتَاتِ" وَ "الْغَابِرَاتِ" فَعُدَّتِ الْأُنْثَى مِنَ الْمُذَكِّرِ بِحُكْمِ التَّغْلِيبِ، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} أَتَى بِتَاءِ الْخِطَابِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ "أَنْتُمْ" عَلَى جَانِبِ "قَوْمٌ" وَالْقِيَاسُ أَنْ يُؤْتَى بِيَاءِ الْغَيْبَةِ لِأَنَّهُ صفة "لقوم" وَحَسَّنَ الْعُدُولَ عَنْهُ وُقُوعُ الْمَوْصُوفِ خَبَرًا عَنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} غَلَبَ فِي الضَّمِيرِ الْمُخَاطَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute