قَالَ بِدُرُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ فِي الْمِصْبَاحِ إِنَّمَا يُعْدَلُ عَنِ التصريح إلى الكناية لنكتة كَالْإِيضَاحِ أَوْ بَيَانِ حَالِ الْمَوْصُوفِ أَوْ مِقْدَارِ حَالِهِ أَوِ الْقَصْدِ إِلَى الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ أَوِ الِاخْتِصَارِ أَوِ السَّتْرِ أَوِ الصِّيَانَةِ أَوِ التَّعْمِيَةِ وَالْإِلْغَازِ أَوِ التَّعْبِيرِ عَنِ الصَّعْبِ بِالسَّهْلِ أو عن الْمَعْنَى الْقَبِيحِ بِاللَّفْظِ الْحَسَنِ
وَاسْتَنْبَطَ الزَّمَخْشَرِيُّ نَوْعًا مِنَ الْكِنَايَةِ غَرِيبًا وَهُوَ أَنْ تَعْمَدَ إِلَى جُمْلَةٍ مَعْنَاهَا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَتَأْخُذَ الْخُلَاصَةَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مُفْرَدَاتِهَا بِالَحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَتُعَبِّرُ بِهَا عَنِ الْمَقْصُودِ كَمَا تَقُولُ فِي نَحْوِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُلْكِ فَإِنَّ الِاسْتِوَاءَ عَلَى السَّرِيرِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا مَعَ الْمُلْكِ فَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} كِنَايَةٌ عَنْ عَظْمَتِهِ وَجَلَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ذَهَابٍ بِالْقَبْضِ وَالْيَمِينِ إِلَى جِهَتَيْنِ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ
تَذَنِيبٌ
مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ الَّتِي تُشْبِهُ الْكِنَايَةَ الْإِرْدَافُ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الْمُتَكَلِّمُ مَعْنًى وَلَا يُعَبِّرَ عنه بلفظه الْمَوْضُوعِ لَهُ وَلَا بِدَلَالَةِ الْإِشَارَةِ بَلْ بِلَفْظٍ يُرَادِفُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُضِيَ الأَمْرُ} وَالْأَصْلُ: "وَهَلَكَ مَنْ قَضَى اللَّهُ هَلَاكَهُ وَنَجَا مَنْ قَضَى اللَّهُ نَجَاتَهُ" وَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى لَفْظِ الْإِرْدَافِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ هَلَاكَ الْهَالِكِ وَنَجَاةَ النَّاجِي كَانَ بِأَمْرِ آمِرٍ مُطَاعٍ وَقَضَاءِ مَنْ لَا يُرَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute