للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَاؤُهُ وَالْأَمْرُ يَسْتَلْزِمُ آمِرًا فَقَضَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ الْآمِرِ بِهِ وَقَهْرِهِ وَإِنَّ الْخَوْفَ مِنْ عِقَابِهِ وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ يَحُضَّانِ عَلَى طَاعَةِ الْأَمْرِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ من اللَّفْظِ الْخَاصِّ

وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} حَقِيقَةُ ذَلِكَ "جَلَسَتْ" فَعَدَلَ عَنِ اللَّفْظِ الْخَاصِّ بِالْمَعْنَى إِلَى مُرَادِفِهِ لِمَا فِي الِاسْتِوَاءِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِجُلُوسٍ مُتَمَكِّنٍ لَا زَيْغَ فِيهِ وَلَا مَيْلَ وَهَذَا لَا يَحْصُلُ مِنْ لَفْظِ "الْجُلُوسِ"

وَكَذَا: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} الْأَصْلُ "عَفِيفَاتٌ" وَعَدَلَ عَنْهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُنَّ مَعَ الْعِفَّةِ لَا تَطْمَحُ أَعْيُنُهُنَّ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ وَلَا يَشْتَهِينَ غَيْرَهُمْ وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْعِفَّةِ

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالْإِرْدَافِ أَنَّ الْكِنَايَةَ انْتِقَالٌ مِنْ لَازِمٍ إِلَى مَلْزُومٍ وَالْإِرْدَافُ مِنْ مَذْكُورٍ إِلَى مَتْرُوكٍ

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} عَدَلَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى عَنْ قوله "بالسوءى" مَعَ أَنَّ فِيهِ مُطَابَقَةً لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى "بِمَا عَمِلُوا" تَأَدُّبًا أَنْ يُضَافَ السُّوءُ إِلَى اللَّهِ تعالى.

فصل

لِلنَّاسِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ عِبَارَاتٌ مُتَقَارِبَةٌ فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْكِنَايَةُ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَالتَّعْرِيضُ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا تَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَذْكُرْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>