للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعبد} وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا أَشْرَكَ بِاللَّهِ غَيْرَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْبُدِ اللَّهَ وكان أَمْرُهُمْ بِالشِّرْكِ كَأَنَّهُ أَمْرٌ بِتَخْصِيصِ غَيْرِ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ وَرَدَّ صَاحِبُ الْفَلَكِ الدَّائِرِ الِاخْتِصَاصَ بِقَوْلِهِ: {كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ} وَهُوَ مِنْ أَقْوَى مَا رُدَّ بِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يُدَّعَى فِيهِ اللُّزُومُ بَلِ الْغَلَبَةُ وَقَدْ يَخْرُجُ الشَّيْءُ عَنِ الْغَالِبِ.

قَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ وَقَدِ اجْتَمَعَ الِاخْتِصَاصُ وَعَدَمُهُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ} فَإِنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ وَفِي "إِيَّاهُ" قَطْعًا لِلِاخْتِصَاصِ

وَقَالَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ الِاقْتِنَاصِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالِاخْتِصَاصِ اشْتَهَرَ كَلَامُ النَّاسِ فِي أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ إِنَّمَا يُفِيدُ الِاهْتِمَامَ وَقَدْ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ مَا هُمْ بِهِ أَعَنَى. وَالْبَيَانِيُّونَ عَلَى إِفَادَتِهِ الِاخْتِصَاصَ وَيَفْهَمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ الِاخْتِصَاصِ الْحَصْرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الِاخْتِصَاصُ شَيْءٌ وَالْحَصْرُ شَيْءٌ آخَرُ وَالْفُضَلَاءُ لَمْ يَذْكُرُوا فِي ذَلِكَ لَفْظَةَ "الْحَصْرِ" وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالِاخْتِصَاصِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَصْرَ نَفْيُ غَيْرِ الْمَذْكُورِ وَإِثْبَاتُ الْمَذْكُورِ وَالِاخْتِصَاصُ قَصْدُ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ خُصُوصِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ افْتِعَالٌ مِنَ الْخُصُوصِ وَالْخُصُوصُ مُرَكَّبٌ مِنْ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَامٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ وَالثَّانِي مَعْنًى مُنْضَمٌّ إِلَيْهِ يَفْصِلُهُ عَنْ غَيْرِهِ كَضَرَبَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الضَّرْبِ فَإِذَا قُلْتَ ضَرَبْتُ زَيْدًا أَخْبَرْتَ بِضَرْبٍ عَامٍّ وَقَعَ مِنْكَ عَلَى شَخْصٍ خَاصٍّ فَصَارَ ذَلِكَ الضَّرْبُ الْمُخْبَرُ بِهِ خَاصًّا لِمَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْكَ وَمِنْ زَيْدٍ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ أَعْنِي مُطْلَقَ الضَّرْبِ، وَكَوْنَهُ وَاقِعًا مِنْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>