للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ مَا وَقَعَ فِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُكَرَّرَيْنِ فَإِنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُؤَكَّدِهِ نَحْوُ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} فَالْآيَتَانِ مِنْ بَابِ التَّكْرِيرِ لَا التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ الصِّنَاعِيِّ وَمِنْهُ الْآيَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي التَّكْرِيرِ لِلطُّولِ

وَمِنْهُ مَا كَانَ لِتَعَدُّدِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُكَرَّرُ ثَانِيًا مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْأَوَّلُ وَهَذَا الْقِسْمُ يُسَمَّى بِالتَّرْدِيدِ كَقَوْلِهِ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} وَقَعَ فِيهَا التَّرْدِيدُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ

وَجُعِلَ مِنْهُ قَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فَإِنَّهَا وَإِنْ تَكَرَّرَتْ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً فَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهَا وَلِذَلِكَ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَوْ كَانَ الْجَمِيعُ عَائِدًا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ لَا يَزِيدُ عليها. قاله ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ

وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا لَيْسَ بِنِعْمَةٍ فَذِكْرُ النِّقْمَةِ لِلتَّحْذِيرِ نِعْمَةٌ وَقَدْ سُئِلَ أَيُّ نِعْمَةٍ فِي قَوْلِهِ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} فَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ أَحْسَنُهَا النَّقْلُ مِنْ دَارِ الْهُمُومِ إِلَى دَارِ السُّرُورِ وَإِرَاحَةُ الْمُؤْمِنِ وَالْبَارِّ مِنَ الْفَاجِرِ

وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} فِي سُورَةِ الْمُرْسَلَاتِ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ قَصَصًا مُخْتَلِفَةً وَأَتْبَعَ كُلَّ قِصَّةٍ بِهَذَا الْقَوْلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عقب كل قصة: طويل يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ"

<<  <  ج: ص:  >  >>