ولا أقصد بهذا إعلان فكرة جديدة تعارض الاتجاهات الفلسفية التي أنفقت كثيرا من الجهد والعرق والاطلاع والتدوين والطباعة والنشر في التنافس على الأولوية في القدرة على إثبات وجود الله فليس في ذلك شرف لمسلم ولا لباحث، لأن سير الدراسات هذه يملي علينا حقيقة واضحة, أن المجتمع في أم القرى وما يجاورها لم يكن ملحدا بل كان مشركا والإشراك في مفهومه العادي إسناد الألوهية إلى أكثر من واحد واعتقاد أن الله له شريك، والإشراك كان في العبادة لا في الخلق ولهذا توجه القرآن الكريم لتنقية الإيمان بالله من شوائب هذا الشرك ويتضح هذا جليا في أسلوب الدعوة أثناء العهد الملكي.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- طول العهد المكي كله لم يستخدم أسلوبا واحدا يثبت به وجود الله ولم يثبت عنه مرة واحدة أنه سئل أو أجاب على سؤال يتعلق بوجود الله.
وما سأل واحد من الصحابة أو من غيرهم في هذا العهد عن وجود الله.
لقد انتهى العهد المكي وليس ثمة سؤال أو جواب عن وجود الله.
بل كان مثله العهد المدني، وقد جاءت وفود اليهود والنصارى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يثبت تاريخيا ولا علميا أن وجود الله كان مدار حديث بينهما، وما تطوع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه بالتحدث عن إثبات وجود الله حتى نودي إلى الرفيق الأعلى.