لقد دافع ابن حجر في فتح الباري عن رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن لما سأله يحيى بن أبي كثير عن أول ما نزل فقال: سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن ذلك, وقلت له مثل الذي قلت, فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
"جاورت بحراء, فلما قضيت جواري هبطت, فنوديت, فنظرت عن يميني, فلم أر شيئا, ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا, ونظرت أمامي فلم أر شيئا, ونظرت خلفي فلم أر شيئا, فرفعت رأسي فرأيت شيئا, فأتيت خديجة فقلت: دثروني, وصبوا علي ماء باردا"، قال:"فدثروني وصبوا عليّ ماء باردا" , قال: فنزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} .
قال ابن حجر في هذه الرواية نقلا عن الكرماني: استخرج جابر أول ما نزل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} , باجتهاد وليس هو من روايته, والصحيح ما وقع في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها.
ثم قال: ويحتمل أن تكون الأولية في نزول {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} يفيد السبب أي هي أول ما نزل من القرآن بسبب متقدم, وهو ما وقع من التدثر الناشئ عن الرعب، وأما اقرأ فنزلت ابتداء بغير سبب متقدم